ومن فوائد حديث أبي قتادة رضي الله عنه: جواز إدخال الصبيان المسجد، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بهذه الجارية، فيجوز أن يؤتى بالصبيان إلى المسجد، لكن بشرط ألا يخاف منهم أذى أو تشويش، فإن خيف منهم ذلك فإنهم يمنعون، ولكن كيف الطريق إلى منعهم هل نحن نباشر المنع أو نتصل بآبائهم، الثاني أولى يعني: أن نتصل بالآباء؛ لأنك لو منعت هذا الصبي وقام يصيح عند الباب أو ضربته، إن كان ممن يتأدب بالضرب فسيؤثر هذا على أبيه، سيقول: لماذا لم تعلمني أن أمنع عيالي؟ أما إذا لم يعلم له أب فأي إنسان يراه وهو يؤذي الناس ويشوش عليهم فله إخراجه، أما إذا لم يكن منهم أذية فلا.
ومن فوائد الحديث: جواز حمل الطفل في الصلاة، مع أن الغالب أن الأطفال ثيابهم نجسة، فهل يقال: إن هذا مما يسامح فيه، أو يقال: نبقى على الأصل وهو وجوب طهارة الثياب، وطهارة ما يحمله الإنسان؟ الثاني أقرب وأحوط، ويجاب عن حديث أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أنها لم تتنجس، ألبسها ثيابا نظيفة ثم أحضرها أو حضرت هي، المهم أن لدينا الآن احتمال أن تكون هذه الطفلة متلوثة بالنجاسة أو تكون متطهرة منها، لدينا نص واضح على أنه لا يجوز للإنسان أن يلابس - إذا كان يصلي- النجاسة، فنحمل هذا المتشابه - أعني: حديث أمامة - على المحكم وهو أنه لا يجوز للإنسان أن يحمل الطفل الذي تلوث بالنجاسة، لو غلب على ظنه لكن لم يتيقن أنه نجس أيجوز أن يحمله؟ نعم يجوز؛ لأن الأصل الطهارة وعدم النجاسة.
٢١٨ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب". أخرجه الأربعة، وصححه ابن حبان.
"اقتلوا" أمر، وهل هو للإباحة أو للاستحباب؟ سيأتي إن شاء الله، "الأسودين" يعني: الحية، والعقرب، العقرب سوداء والحية ليست سوداء، وهذا من باب التغليب، وغلبت العقرب لا لنها أقرب أو أشد لسعة، لكن لأنها أكثر طوافا بالناس فغلبت، وقيل: الأسودين الحية، والعقرب، وهذا الحديث يشمل جميع الحيات وجميع العقارب.
ففيه إذن فوائد، منها: الأمر بقتل الحية والعقرب في الصلاة، وهل هذا الأمر للإباحة؛ لأن الأصل ألا يتحرك الإنسان في صلاته إلا بما هو من جنسها، أو مصلحتها، وهذا لا علاقة له بالصلاة، فيكون الأمر للإباحة كأنه قال: يباح لكم قتل الأسودين، أو إن الأمر للاستحباب؟