للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولها رضي الله عنها: "شبهتمونا بالكلاب" جوابه سهل أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك وليس قصده الحط من قدر المرأة أو أن تكون كالكلب والحمار، لكن لما كان المصلي مقبلا على الله عز وجل، كان المرور بين يديه يخشى أم يفتنه ويتعلق قلبه بها، وليس ذلك من باب الإهانة لها أو قرنها بالحمار والكلب.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الحمار يقطع الصلاة سواء كان صغيرا أو كبيرا، أسود أو أبيض لعموم قوله: "الحمار".

ومن فوائد هذا الحديث: أن الكلب الأسود يقطع الصلاة، وهل الأسود وصف فردي غير معتبر، أو هو وصف معتبر؟ الجواب: الثاني؛ لأن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اشتراط أن يكون أسود فبين له أن الأسود شيطان.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الكلب الأسود يقطع الصلاة سواء كان صغيرا أو كبيرا.

ومن فوائده: أن غير الأسود لا يقطع الصلاة، ولكن إذا كان فيه بقع بيضاء أو بقع صفراء، والأغلب السواد هل يقطع الصلاة؟ الجواب: لا، لا يقطع الصلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط أن يكون أسود؛ إلا أن بعض العلماء ألحق بالأسود الخالص ما فوق عينه بياض؛ لأن هذا يعني أن الأسود الخالص قد لا يوجد إلا قليلا، وقال: إن الذي فوق عينه بياض يسير يلحق بالأسود.

ومن فوائد هذا الحديث: أن في الكلاب شياطين وفيها ما ليس كذلك؛ لقوله: "الكلب الأسود شيطان".

ومن فوائد هذا الحديث: أن الكلب الأسود لا يباح صيده؛ لأنه شيطان فلا يباح صيده، ولذلك يحرم اقتناؤه ولو للصيد أو الماشية أو الزرع، قال أهل العلم: ويقتل بكل حال، بخلاف الكلاب الأخرى فلا تقتل إلا إذا حصل منها إيذاء لا يندفع إلا بالقتل، وأما بدون سبب فلا.

ومن فوائد هذا الحديث: حرص الصحابة - رضي لله عنهم- على معرفة الحكم والأسرار في التشريع؛ لأن أبا ذر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحكمة في كون الأسود يقطع الصلاة وغيره لا يقطع.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الأحكام الشرعية معللة بالحكمة، ولكن التعليل قد يكون معلوما لنا، وقد يكون مجهولا لنا، وقد يكون معلوما لكل أحد، وقد يكون معلوما لبعض الناس، والعلماء - رحمهم الله- يسمون ما لا تعرف علته بالحكم التعبدي، أي: أن وظيفتنا أن نتعبد لله بهذا، سواء علمنا الحكمة أو لا؛ لأن هذه حقيقة العبودية؛ ولهذا لما سئلت أم المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>