٢٤٢ - ولهما: من حديث عائشة رضي الله عنها: «كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا» , وفيه:«أولئك شرار الخلق».
قوله:«ولهما» أي: للبخاري ومسلم «كانوةا» أي: النصارى «كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح» هذا أعم من كونه نبيًا أو غير نبي, الصالح هو المستقيم في دينه سواء كان نبيًا أو غير نبي «بنوا على قبره مسجدًا» وهذا يوضح معنى قوله: «اتخذوةا قبور أنبيائهم مساجد» , وفيه:«أولئك شرار الخلق» يعني: عند الله «أولئك» بالكسر؛ لأن الكاف اسم للإشارة تكون حسب المخاطب, واسم الإشارة يكون حسب المشار إليه, وفي هذا امتحان للطالب. فإذا قيل لك: أشر إلى واحد مخاطبًا اثنين كيف تقول: «ذلكما» كما قال عز وجل عن يوسف: {ذلكما} يخاطب صاحبي السجن {مما علمني ربي}[يوسف: ٣٧]. أشرف إلى أنثى مخاطبًا أنثى؟ «تلك» هذه هي اللغة المشهورة الفصحى أن الكاف تكون بحسب المخاطب, إن مفردًا مذكرًا صارت مفردًا مذكرًا, وإن مثنى صارت للتثنية, وإن جمعت جمع ذكور صارت للجمع بالميم, وإن جمعت جمع إناث صارت بالجمع بالنون قال الله تعالى:{قالت فذالكن الذي لمتنني فيه}[يوسف: ٣٢]. «فذلكن» تشير إلى واحد وهو يوسف, ولهذا أتى بـ «ذا» تخاطب نسوة جماعة, فيه لغة أخرى أن الكاف بالفتح والإفراد مطلقًا على اعتبار الشخص, وإذا كان المخاطب جماعة أو منثى فهو باعتبار الجنس باعتبار الشخص لكونها مفردًا مذكرًا وباعتبار الجنس لكونها مفردة لا مثناة, ولا مجموعة, فيه لغة ثالثة: أنه إذا خوطب بها النساء فهي بالإفراد والكسر, مطلقًا وإذا خوطب بها الرجال فهي بالإفراد والكسر لكن اللغة الأولى هي الفصحى هنا «أولئك شرار الخلق» المخاطب أنثى واحدة والمشارة إليه جماعة وهم الذين يبنون على قبور صالحيهم.
في هذا الحديث من الفوائد: أن الشرك عظيم جدًا, وذلك لعظم وسائله وذرائعه, فأصل المسجدلا إذا بني على القبر إنما يصلى لله لكن في هذا المكان هذا هو الأصل, لكن لما كان يخشى أن صاحب القبر يعبد صار البناء على قبره من كبائر الذنوب, والتعظيم في الوسيلة يدل على عظم الغاية.
ومن فوائد هذا الحديث: حماية الشريعة لجانب التوحيد حماية كاملة بحيث سدت جميع الوسائل التي قد تؤدي إلى الشرك.
ومنها: تحريم بناء المساجد على القبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الدين يبنون المساجد على القبور بأنهم شرار الخلق.