للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شك أن يسلي الإنسان ويهون عليه المسألة، تجد مثلًا بعض المدرسين يأتي من مكان بعيد وإذا جاء إلى المسجد يجد نصف صف من الطلبة، بعض الناس لما وجدهم نصف صف قال: انتهى الأمر لابد لي من الرجوع، لا اصبر- أيها المعلم-؛ لأن الذي لم يحضر الدرس يستطيع أن يسمع الأشرطة.

نرجع الآن إلى أقسام العبودية صارت قسمين: الأول: عامة، والثاني: خاصة، والثانية فيها ما هو أخص.

قال المؤلف ... إلخ ما ذكره، وتمامه: "وظلمت نفسي واعترفت بذنبي"، يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "ظلمت نفسي واعترفت بذنبي" ظلم النفس إما بتقصير في واجب أو بفعل محرم، فيستفاد من هذا إثبات أن النبي (صلى الله عليه وسلم) ظالم لنفسه؛ لأنه يخشى- عليه الصلاة والسلام- أن يكون فرط في واجب، والمتتبع لسيرته يعلم أنه (صلى الله عليه وسلم) أطهر الناس وأبعدهم عن المعاصي، لكن لكمال تواضعه لله عز وجل وخشيته وخوفه من التقصير في الواجب قال: "ظلمت نفسي".

ومن فوائد هذا الحديث: إثبات أن النبي (صلى الله عليه وسلم) له ذنب، من أين نأخذه؟ من قوله: "اعترفت بذنبي". يقول بعض الناس: إن النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يذنب ولا أدري ماذا يكون موقفهم من مثل هذا الحديث؟ قالوا: الذنب للأمة، هل يمكن أن الرسول يعترف بذنب أمته؟ الاعتراف لمن عليه الحق، ثم نقول لهم: ألم يقرءوا قول الله تعالى: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} [محمد: ١٩]. هذه لا يستطيع أحد أن يقول: {لذنبك}، أي: ذنب أمتك، لكن خصوصية الرسول –عليه الصلاة والسلام- أنه لو فعل شيئًا فإنه لا يقر عليه بل ينبهه الله (عز وجل)، دليل هذا قول الله تعالى: {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفورٌ رحيمٌ * قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} [التحريم: ١ - ٢]. فنبهه الله وفتح له باب المغفرة والرحمة، وقال (عز وجل): {عفا الله عنك} [التوبة: ٤٣]. هل هناك عفو بدون تفريط في شيء؟ لا، {عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين} [التوبة: ٤٣]. وما يضر الأنبياء إذا صدر عنهم معصية ثم ينبههم الله عليها، ثم استغفروا فغفر لهم ماذا يضرهم؟ لا يضرهم شيء بل يكون أحسن من الحال الأولى، هذا آدم عصى واجتباه الله (عز وجل) بعد أن استغفر وقال: {لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين} [الأعراف: ١٤٩]. نوح سأل ما ليس له به علم؛ وذلك لأن ولده ليس من أهله وهو لا يعلم ذلك {إنه عملٌ غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظم أن تكون من الجاهلين} [هود: ٤٦]. فالمهم أن الرسل- عليهم الصلاة والسلام- قد يقع منهم الخطأ، ولكن ميزتهم وخصيصتهم أنهم لا يقرون عليه.

لكن هنا شيء يجب أن نعلم أن الرسل معصومون منه وهو ما يخل بالأمانة، هذا شيء محال

<<  <  ج: ص:  >  >>