للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن فوائد هذا الحديث: الذي زاده أهل السنن: استحباب هذا الذكر "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ولمزه ونفثه"، فإن اقتصر على "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" أجزأ، لكن هل تجب الاستعاذة أو لا؟ يعني: هل تجب سواء كانت في الصلاة، أو خارج الصلاة؟ الجمهور على أنها ليست بواجبة، وذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة؛ لأن الله أمر بها فقال: {فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون} [النحل: ٩٨ - ١٠٠]. قالوا: فإن الله أمر ثم قال: {إنه ليس له سلطان}، وفي هذا إشارة إلى أنه إذا لم يستعذ الإنسان فقد يُسلط الشيطان عليه، والقول بوجوب التعوذ عند قراءة القرآن قول قوي لا شك؛ أولًا: لأن الله أمر به.

ثانيًا: لئلا يحول الشيطان بينك وبين تدبر القرآن، والنشاط في قراءته؛ لأن الإنسان عند قراءة القرآن يبتلى بأمرين: إما الكسل وعدم الاستمرار فيه، وإما عدم التدبر، فإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم؛ حماك الله منه ووفِّقت للاستمرار في القراءة والتدبر.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الاستعاذة من الأمور الخفية لا تكون إلا بالله، انتبه للقيد: "من الأمور الخفية"، الاستعاذة من الأمور الحسية تكون بالله وبغيره، ولكنها لا تكون بمن لا يمكن أن يُعيذ، الاستعاذة من الأمور الخفية لا تكون إلا بالله؛ لأنه لا يقدر عليها إلا الله كالاستعاذة من الشياطين.

الاستعاذة من الأمور الحسية تكون بالله وبغيره بشرط أن يكون المستعاذ به قادرًا على الاستعاذة، أما إذا كان غير قادر فلا، فلو استعاذ الإنسان بصاحب القبر من شخص تسور عليه بيته فهذا شرك، لماذا؟ لأنه لا يقدر، ولولا اعتقاد هذا المستعيذ بأمر خفي سري يعتقده في هذا القبر ما فعل، استعاذ هذا الرجل بجاره حين قفز عليه السارق يجوز أو لا؟ يجوز، ولهذا جاء في الحديث: "من وجد مُعاذًا فَلْيَعذ به" لما ذكر ما ذكر من الفتن قال: "مَنْ وجد مُعاذًا فليعذبه"، هذا حكم الاستعاذة، الاستغاثة نفس الشيء، إذا استغاث عن شيء خفي لا يمكن أن يُغيث منه المخلوق فهذا لا يجوز إلا لله وحده إن استغاث على دفع شيء محسوس فهذا جائز بشرط أن يكون المستغاث به قادرًا.

ومن فوائد هذا الحديث: إثبات هذين الاسمين الكريمين من أسماء الله وهما: "السميع"، و"العليم" وما تضمناه من وصف.

ومن فوائد الحديث: الحذر من الشيطان من وجهين:

أولًا: لأننا أمرنا بالاستعاذ بالله منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>