ومن فوائد هذا الحديث: أن السنة في الركوع ألا يرفع رأسه ولا ينزله عن ظهره، لقولها- رضي الله عنها-: "لم يشخص رأسه ولم يصوبه"، ولكن بين ذلك، ومعلوم أنه إذا كان الرأس بين ذلك سوف يكون مساويًا في الظهر، وهل يشمل هذا أن يصوب الظهر مع الرأس، أو يشخص الظهر مع الرأس؟ نعم، نحن مثلًا لدينا أربعة أشياء:
الأول: أن يرفع الرأس والظهر.
والثاني: أن ينزل الرأس والظهر؛ لأن بعض الناس تجده عندما يركع ينزل مرة بظهره ورأسه.
والثالث: أن يكون الظهر مستويًا، ولكن يرفع رأسه.
والرابع: أن يكون الظهر مستويًا، ولكن ينزل الرأس، فهي نفت الارتفاع والانخفاض في الرأس سواء؛ أي: أن استواء الظهر والرأس في هذه الحالة يكون سواء ارتفاعًا وانخفاضًا، إلا أن الرأس ينزل، بينما الظهر يبقى مستويًا، فالاعتدال هو المفروض، ولهذا ذُكِرَ "أن من صفة النبي- صلى الله عليه وسلم- في ركوعه أنه لو صبَّ الماء على ظهره لاستقر".
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية الرفع من الركوع لقولها- رضي الله عنها-: "وكان إذا رفع من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائمًا" يعني: حتى يستقر قائمًا، وهذا الرفع ركن من أركان الصلاة، فلو أن الإنسان وهو راكع سجد قبل أن ينهض فقد ترك ركنًا من أركان الصلاة؛ إذن لابد أن يرفع حتى يستوي قائمًا.
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية السجود لقولها: "وكان إذا رفع من السجدة"، والرفع من السجود ركن من أركان الصلاة لابد منه.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجب البقاء بعد السجود قاعدًا حتى يستقر لقولها: "إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسًا"، وهذا الجلوس حكمه ركن من أركان الصلاة.
ومن فوائد هذا الحديث: التشهد في كل ركعتين سواء كانت ثنائية أو ثلاثية أو رباعية؛ الثنائية كالفجر يتشهد في الثانية، الثلاثية كالمغرب، الرباعية كالظهر والعصر والعشاء، هذه التحية هل هي ركن أو لا؟ نقول: مقتضى سياق الحديث أن تكون ركنًا؛ لأنها ذكرتها مع الأركان، ولكن السنة يفسر بعضها بعضًا ويقيد بعضها بعضًا، ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه ترك التشهد الأول ذات يوم وجير هذا الترك بسجود السهو، والأركان لا تُجبر بسجود السهو، فدل هذا على أن التشهد واجب، ولكنه يسقط بالسهو ويُجبر بسجدتين قبل السلام كما فعل النبي- صلى الله عليه وسلم- تمامًا.