للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمر سمعاها، ونحن وإن لم نعلم فإنه يغلب على ظننا أن أبا بكر وعمر قد سمعاها لكن لم يروها، فلا يلزم من كون بقية الأئمة لم يرووه أن يكون من أفراد البخاري ضعيفا مثلا وليس ضعيفا بل هو صحيح، والطب الحديث يشهد له، يقول: أخرجه البخاري وأبو داود وزاد: "وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء"، يتقي: يعني إذا خاف على نفسه وأهوى ليسقط في هذا الشراب ماذا يقدم؟ يقدم الجناح الذي فيه الداء يتقي به، وهذا إما إلهام من الله عز وجل وإما أن يكون هذا الجناح يختص بخصيصة ليست في الجناح الآخر يعرفها الذباب.

على كل حال: ما لنا ولهذا، نحن نقول: آمنا وصدقنا أنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء والله أعلم، لماذا يتقي به؟ الله أعلم.

على كل حال: أنا قرأت في بعض الكتب والمجلات أثبتوا أنه يوجد فيه الحمى أو التيفود لا أدري ما اسمها، وأن هذه - بإذن الله- إذا غمسه فإن في الجناح الآخر ما يضاد، ونحن في الحقيقة إنما نستشهد بأقوال الأطباء أو الفلكيين على ما دل عليه الكتاب والسنة ليس من أجل أننا نقبل إلا إذا شهدوا أبدا، نحن نقبل وإن لم يشهدوا، بل لو شهدوا بخلافه وقد صح ثبوتا ودلالة، فإننا لا نعبأ بهم لكننا نستفيد من ذلك فائدتين:

الأولى: زيادة الطمأنينة لا شك.

والثانية: محاجة أولئك الذين يقدحون في الشريعة فيما لا يدخل عقولهم القاصرة؛ فنقول: شهد علماء الفلك بهذا، أو شهد علماء الطب بهذا فنستفيد؛ يعني: نحن لا نقول: نلقي كل ما يقوله الناس في مسألة الطب وفي مسألة الفلك والأجرام السماوية، ولكننا لا نقبل كل ما يقولون، إذا كان الذي يقولون يخالف الكتاب والسنة الثابتين دلالة فإننا لا نقبل كلامهم، نأخذ بما جاء في الكتاب والسنة، ونقول: إن كلامكم الآن الذي يضاد الكتاب والسنة سوف يأتي الزمن الذي يشهد فيه الناس بصحة ما جاء في الكتاب والسنة.

أولا: نسأل لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث في باب المياه؟ الجواب: أتى به ليفيد أن مثل الذباب إذا مات في الماء القليل فإنه لا ينجسه؛ لأن الإنسان إذا جاء يشرب؛ شرب من إناء صغير إذا غمس فيه الذباب وهو حار سوف يموت، فإذن أتى به المؤلف ليفيد أنه إذا وقع في الماء القليل شيء مثل الذباب فمات فإن الماء لا ينجس بذلك، هذه هي المناسبة.

أما فوائد الحديث: فنقول في الحديث فوائد؛ منها: شمول الشريعة الإسلامية في بيان أمراض الأبدان وبيان أمراض القلوب، ولهذا ما من شيء يحتاج الناس إليه حتى في أبدانهم إلا بينه الله ورسوله، وهذه قاعد عامة لا يشذ منها شيء.

أما أمراض القلوب والعبادات فهذا أمر معروف، وكذلك أيضا أمراض الأبدان في الكتاب والسنة أصول، لا نص على كل مسألة وكل فرد وكل جزء أصول عامة يستفاد منها في الطب.

<<  <  ج: ص:  >  >>