للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد هذا الحديث: أن الذباب ليس بنجس، لا حيا ولا ميتا، من أين تؤخذ؟ من قوله: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه"، لو كان نجسا لأرقنا الماء؛ لأن الماء القليل سوف يتأثر بمثل الذباب لاسيما إذا وقع فيه ذباب كثير.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الذباب إذا وقع في الطعام الجامد فإنه لا يغمس من أين يؤخذ؟ يؤخذ من المنطوق أم من المفهوم؟ من المفهوم، هذا من جهة الدلالة الشرعية. الدلالة العقلية: أنك لو غمسته في طعام، فإنه سوف يتفتت في هذا الطعام ولزدت الطين بلة، ويكره الطعام حينئذ للإنسان.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الذباب قلنا: إنه طاهر حيا ميتا، هل يقاس على الذباب غيره؟ العلماء - رحمهم الله- قالوا: نعم يقاس عليه كل شيء ليس له دم يسيل فإنه طاهر حيا وميتا، حتى لو كان حراما فهو طاهر حيا وميتا، فمثلا الجعلان طاهر لو وقع الجعل في الماء فالماء طاهر، العقرب طاهر؛ لأنه ليس له دم، فإذا وقعت في ماء ولو تغير الماء فهو طاهر؛ لأنها لا تنجس بالموت.

"الوزغ" قال أصحابنا - رحمهم الله--: للوزغ نفس سائلة نص عليه الإمام أحمد، يعني: له دم يسيل، وأنا أسألكم هل قتلتم وزغا؟ نعم، فهل له دم؟ نعم، الحمد لله إذن الوزغ لا يدخل في هذا الباب؛ لأنه له نفس سائلة.

ومن فوائد هذا الحديث: قدرة الله عز وجل، وأنه قادر على كل شيء، فالذباب - كما تعلمون- دويبة هشة ضعيفة مهينة، وقد جمع الله فيها بين شيئين متضادين هما الداء والشفاء، وهذا يدل على كمال قدرة الله عز وجل، نحن نعرف أن الله على كل شيء قدير فيما إذا خلق في ها مصلحة، وهذا مضرة في ذاتين منفصلتين، ولكم في ذات واحدة فيها مضرة ومنفعة.

يؤخذ من هذا أيضا: أن الله تعالى قد يحكم في الشيء بحل وحرمة في جسد واحد يكون بعضه حلالا وبعضه حراما ممكن في الشريعة الإسلامية؟ لا، ليس في الشريعة الإسلامية حيوان بعضه حلال وبعضه حرام، في الشريعة اليهودية نعم {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر} [الأنعام: ١٤٦]. هذه ذات مستقلة {كل ذي ظفر}.

يقول العلماء: كل ما أرجله غير مشقوقة فهو من ذوات الظفر مثل الإبل، {ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومها} [الأنعام: ١٤٦]. واللحوم حلال والشحوم حرام {حرمنا عليهم شحومها إلا ما حملت ظهورها} يعني: ما عدا الظهر فهو حلال، وذلك - والله أعلم- لمشقة تخليصه من اللحم، {أو الحوايا} يعني: ما حملته الحوايا.

<<  <  ج: ص:  >  >>