في أثناء صلاة الكسوف حين قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "وذلك حينما رأيتموني تقدمت- لما عُرِضت عليه الجنة وذلك حينما رأيتموني تأخرت- لما عرضت عليه النار"، ويدل لذلك أن الصحابة- رضي الله عنهم- لما سُئلوا كيف تعلمون أن النبي-صلى الله عليه وسلم- يقرأ؟ قالوا: نعرف ذلك باضطراب لحيته، أي تحركها، وهذا يدل على أن المأموم يرى الإمام، ويدل لذلك- وهو الدليل الخامس-: أن النبي- صلى الله عليه وسلم- حينما صلى على المنبر أو ما صُنع قال:"فعلت ذلك لتأتموا ولتعلموا صلاتي"، وهذا يدل على أنهم يرونه، ولكن هل هذا سنة مع كل إمام من أجل أن يتحرى المأموم متابعته، أو هي سنة في إمام يقتدى ويتأسى به لعلمه ولتطبيقه السنة؟ الظاهر الثاني؛ أي: أنه إذا كان الإنسان إمامًا عالمًا معروفًا ووجد حوله المأموم جاز أن يفعل ذلك لعلمه ولتطبيقه السنة حتى يقتدي به؛ لأنه ليس كل عالم يطبق السنة، وأما إذا لم يكن عالمًا فالمسألة واضحة أنه لا يقتدى به، والظاهر لي الثاني- والله أعلم- أنه إذا كان الإمام ذا علم ودين يعمل بالسنة فإنه لا بأس أن ينظر إليه المأموم من أجل أن يتعلم صلاته، لكن بشرط ألا يؤدي ذلك إلى الالتفات، فإن أدى إلى الالتفات بكون المأموم بعيدًا في أقصى الصف فلا يفعل؛ لأن الأصل في الالتفات في الصلاة أنه مكروه.
من فوائد هذا الحديث: مشروعية رفع اليدين حذو المنكبين؛ يعني: ليس اليمنى قبل اليسرى، لا.
فإن قال قائل: ما هي الفائدة من ذلك؟
فالجواب: أنها زينة للصلاة، وإشارة إلى رفع الحجاب بينك وبين الله- عز وجل-.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الرفع يكون إلى حذو المنكبين، وفي حديث مالك بن الحويرث:"حتى يُحاذي بها فروع أذنيه"، وفي حديث ثالث لم يذكره المؤلف:"حتى يُحاذي شحمة أذنيه"، فهل الصفة واحدة، ويكون الذي ذكر أنه حذو المنكبين اعتبر أسفل الكف، والذي ذكر إلى فروع الأذنين اعتبر أعلى الكف، أو هي صفات متعددة؟ الظاهر الثاني، وأن الأمر في هذا واسع، إذا رفع اليدين إلى حذو المنكبين فسنة، أو دفع إلى شحمة الأذنين فسنة أيضًا، كما أنه إذا رفع يديه إلى فروع الأذنين كذلك فقد فعل سنة، وأما مبالغة بعض الناس أو تساهل بعض الناس فمخالف للسنة مضاد لها، بعض الناس تجده إذا أراد أن يكبر يبالغ إلى