السجود" مثبتًا في الواقع؛ لأن الرجل يراقب الصلاة من أولها إلى آخرها، ويقول: يرفع في كذا، ولا يرفع في كذا وهذا إثبات، وليس كالإثبات والنفي المطلق. صحيح أن الإثبات والنفي المطلق فيه زيادة علم مع المثبت فيقدم، لكن المنهي عنه أن يأتي رجل ويفصل في مثل هذا يقول: كان يفعل كذا في كذا، ولا يفعل هذا في كذا، فهذا صحيح، وأنه نقل متيقن، ولذلك كان القول الراجح أنه لا يُسن رفع اليدين إلا في هذه المواضع الأربعة وهي: عند تكبيرة الإحرام، عند الركوع، عند الرفع منه، عند القيام من التشهد الأول.
لو قال قائل: إذا كان هناك رجل مسبوق وأدرك مع الإمام ثلاث ركعات من الظهر مثلًا وقام يقضي الرابعة هل يرفع يديه أو لا؟ هذا محل نظر، قد نقول بالقياس، وقد نقول بعدم القياس، لأن العبادات ليس فيها قياس تبقى على ما هي عليه، وقد نقول: إن هذه حال نادرة لم تقع للنبي- صلى الله عليه وسلم-، وهي في الحقيقة قيام من تشهد، فتشبه تمامًا القيام من التشهد الأول، والأمر في هذا واسع عندي بمعنى: أنه إذا رفع فلا ننهاه، وإذا لم يرفع فلا نأمره.
لكن هنا سؤال: متى يكون الرفع، هل هو مع ابتداء التكير، أو بعد التكبير، أو قبل التكبير؟
فالجواب: أن كله سنة، ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه إذا كبّر رفع، وورد أنه يرفع ثم يكبر، وورد أنه يرفع مع التكبير.
حديث أبي حميد يقول: "يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم يكبر"، فيكون الرفع قبل التكبير.
حديث ابن عمر: "يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة"، فيكون الرفع بعد التكبير؛ لأنه لا يعد مفتتحًا للصلاة إلا إذا كبر.
كما جاء أيضًا في الحديث الذي لم يذكره المؤلف: "أنه يكبر مع الرفع"، فيكون هذا مما اختلفت فيه السنة: كبر أولًا ثم ارفع، ارفع أولًا ثم كبر، اجعل التكبير مع الرفع.
أسئلة:
- لو قال قائل: إن قول ابن عمر: "كان لا يفعل ذلك في السجود" نفي وهذا مثبت، والقاعدة أن المثبت مقدم على المنفي، فكيف نقول؟