ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان مؤتمن على دينه، فإذا قال: لا أستطيع. لا تقول: احلف أنك لا تستطيع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستحلفه، وعلى هذا لو وجب على الإنسان كفارة ظهار وقال: لا أجد رقبة تحلفه؟ لا، قال: لا أستطيع أن أصوم تحلفه؟ لا، إذا قال: لا أستطيع أن أطعم تحلفه؟ لا، وكل هذا قد جاءت به السنة وذلك في حديث من جامع في نهار رمضان، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستحلف الرجل، ولا يجوز أن يحلف الإنسان على دينه؛ لأنه مؤتمن عليه، ولو قال الرجل: إني قد أخرجت زكاتي نحلفه؟ لا نحلفه، ولو قلنا له: صل. فقال: صليت لا نحلفه؛ لأن الإنسان مؤتمن على دينه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن هذه الكلمات الخمس تجزئ عن الفاتحة، مع أنها من حيث الكم أقل من الفاتحة أو أكثر؟ أقل، فيترتب عليه فائدة: وهي أن المبدل لا يلزم أن يكون مساويًا للمبدل منه. وهذا واضح وله أمثلة؛ مثًلا في كفارة اليمين إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام بدل الصيام إطعام عشرة مساكين؛ فصار البدل ليس كالمبدل منه، فلا يلزم من كون الشيء بدلًا عن الآخر أن يكون مساويًا له.
ومن فوائد هذا الحديث: الجمع بين تنزيه الله تعالى عن كل ما لا يليق به والثناء عليه بما هو أهل له لقوله: "سبحان الله، والحمد لله"، وهذا هو غاية ما يكون من وصف الكمال.
ومنها: الإشارة إلى أنه يبتدأ بالتخلية قبل التحلية؛ يعني: يبتدأ بالشيء المنفي قبل الشيء المثبت، ووجهه: ليرد الشيء المثبت على شيء خال مما ينافيه، تؤخذ من قوله:"سبحان الله، والحمد لله"، بل حتى كلمة الإخلاص فيها هذا "لا إله" نفي، "إلا الله" إثبات، وقد قيل: التخلية قبل التحلية، وهذا كما أنه في المعقولات هو أيضًا في المحسوسات، فالإنسان عندما يريد أن ينظف المكان هل يأتي بالأشياء التي تجمل، أو يزيل الأشياء المؤذية الوسخة أولًا؟ الثاني، فهو في المحسوسات والمعقولات.
ومن فوائد هذا الحديث: تنزيه الله -تبارك وتعالى- عن كل ما يليق به لقوله:"سبحان الله" ووصفه بالكمال لقوله: "الحمد لله".
ومنها: فضيلة كلمة الإخلاص "لا إله إلا الله"، وإذا اعتقد الإنسان هذا الاعتقاد صادقًا فإنه ينتفي عنه أن يعبد أي شيء سوى الله عز وجل ويكون مقصوده الأعظم هو الله عز وجل لا يلهيه عن ذلك دنيا ولا مناصب ولا أولاد ولا غيرها، ومعلوم أن عبادة غير الله أنواع كثيرة: من سجد لصنم فقد عبد غير الله فيكون كاذبًا في قوله لا إله إلا الله، ومن تعلق قلبه بالدنيا وليس له هم إلا الدنيا فإنه لم يحقق عبادة الله، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم،