وعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت". أخرجه أبو داود، والترمذي وحسنه، واللفظ له.
قوله:"ما قطع" يحتمل أن يكون اسم شرط، ويحتمل أن يكون اسما موصولا، فإن كان اسم شرط، فقوله:"فهو ميت" جواب الشرط واقترن بالفاء؛ لأن جملة الجواب إذا لم تصلح أن تكون فعل شرط فإنه يجب أن تقترن بالفاء، وبذلك يقول ابن مالك:
واقرن بفا حتما جوابا لو جعل ... شرطا لإن أو غيرها لم ينجعل
وقد نظمت هذه في بيت معروف مشهور نريد سماعه منكم:
اسمية طلبية وبجامد ... وبما وقد وبلن وبالتنفيس
من أي الجمل ما معنا؟ اسمية، وإذا جعلناها اسما موصولا وقلنا: المعنى: الذي قطع من البهيمة وهي حية فهو ميت، فلماذا اقترنت الفاء بالخبر؟ يقولون: لأن الخبر لما كان اسما موصولا مفيدا للعموم صار مشبها للشرط في إفادته للعموم والإجمال، فاقترن الخبر بالفاء.
أقول: لما كان المبتدأ اسما موصولا مشبها للشرط في العموم والإجمال صار يقترن في خبره بالفاء، فقوله:"ما قطع من البهيمة: البهيمة: كل الحيوانات بهيمة؛ وذلك لأن البهيمة مأخوذة من الإبهام، والحيوانات كلها مبهمة لا يعرف ما تقول، حتى وإن كان بعضها - أي: بعض الحيوانات- لها أصوات معينة يعرف الإنسان بها ما تريد، فإن بعض الحيوانات كالهر مثلا تعرفه إذا نادى أولاده الصغار، الديك إذا نادى الدجاج له صوت معين لكنه لا ينطق، لا يعرف؛ ولهذا سميت جميع الحيوانات ما عدا الإنسان بهائم.
وقوله: "ما قطع من البهيمة وهي حية" جملة "وهي حية" حال من البهيمة. "فهو ميت" أي: كميتة البهيمة، وهذه أخذ منها العلماء قاعدة فقالوا: ما أبين من حي فهوة كميتته، فما أبين من الحيوان الذي إذا مات صار نجسا فهو نجس، وما أبين من الحيوان الذي إذا مات فهو حلال طاهر فهو طاهر، وما أبين من الحيوان الذي إذا مات فهو طاهر غير حلال فهو طاهر، وغير حلال مثل ما أبين من الآدمي، الآدمي ميتته طاهرة وما أبين منه فهو طاهر؛ فكل ما أبين من حيوان فله حكم ميتة هذا الحيوان حلا وطهرا، هذه القاعدة ما قطع من الشاة وهي حية كميتتها