للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نجس حرام، ما قطع من الحوت طاهر وحلال، لأن الحوت ميتته طاهرة، ما قطع من الجرادة حلال طاهر؛ لأن ميتتها حلال طاهرة، ما قطع من الآدمي طاهر وليس بحلال، لأن ميتة الآدمي طاهرة وليست بحلال.

أرأيت لو اضطر إنسان إلى أكل لحم إنسان ميت ما تقولون؟ العلماء مختلفون على قولين: من العلماء من قال: إذا اضطر الحي إلى أكل الميت فله أيأكله؛ لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، ومنهم من يقول: لا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كسر عظم الميت ككسره حيا". فله حرمة حتى لو مات الحي فإنه يموت ولا يأكله.

نأخذ فوائد: أولا: ما سبب الحديث؟ سبب الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة وجدهم يجبون أسنمة الإبل وأليات الضأن يتخذونها ودكا فيبينونها منها وهي حية، فقال هذا، ومعرفة سبب الحديث أو الآية يعين على فهم النص.

ومن ذلك: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما} [البقرة: ١٥٨]. لو نظرنا إلى ظاهر اللفظ لكانت هذه الآية تدل على أن الطواف بين الصفا والمروة من القسم الجائز وأنه لا لإثم فيه، لكن إذا عرفنا السبب وأنهم كانوا يتخوفون من الطواف بينهما؛ علمنا أن ذلك لا يدل على الإباحة، بل يدل على نفي الجناح الذي كانوا يتوهمونه، فمعرفة السبب لها أهمية بالنسبة لمعرفة المعنى.

فمن فوائد الحديث إذن: أنه يجب على العالم إذا اقتضت الحال أن يذكر الحكم الشرعي لوقوع الناس في مخالفته، فإنه يجب عليه أن يبينه؛ لأن الرسول بين هذا حينما رأى الناس يحبون الأسنمة والأليا.

ومن فوائد هذا الحديث: أنه ما قطع من البهيمة وهي حية فهو كميتة البهيمة لقوله: "فهو ميت". وهنا نسأل هل يجوز أن يقطع شيء من البهيمة أو لا؟ نقول: أما إذا كان عبثا ولمجرد الإيلام أو الانتقام فإن هذا حرام ولا يجوز، مثاله: رجل عنده معز تصرخ عليه في الليل وآذته في نومه فنزل إليها وقطع لسانها. حرام أو حلال؟ حرام، لأن هذا انتقام وهي بهيمة غير مكلفة، كذلك لو كان عبثا فإنه لا يجوز.

لكن لو كان لمصلحة البهيمة أو لمصلحة مالك البهيمة فهل يجوز ذلك أو لا؟ الظاهر: الجواز، لكن يجب أن يتبع أقرب الطريق إلى عدم الإيلام، مثال ذلك: الخصاء لمصلحة البهيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>