سمع الله لمن حمده فقل: سمع الله لمن حمده، بل قال:"إذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد" وعلى هذا فالمأموم يقول: "ربنا ولك الحمد" حين نهوضه من الركوع.
*وفي قوله:"ربنا ولك الحمد" سنن متنوعة:
الأولى:"ربنا ولك الحمد" كما في الحديث.
الثانية:"ربنا لك الحمد" بحذف الواو.
والثالثة:"اللهم ربنا ولك الحمد" بالجمع بين اللهم والواو.
والرابعة:"اللهم ربنا لك الحمد". كل هذه ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهل الأولى المحافظة على واحدة من هذه الصيغ والاستمرار فيه، أو الأولى أن يُقال هذا مرة وهذا مرة، أو الأولى أن يؤخذ بأكثر منها وهو:"اللهم ربنا ولك الحمد"؟ الصواب: الثاني دون الثالث ودون الأول؛ بمعنى: أنك تأخذ بهذا تارة وبهذا تارة، هذا واضح فيما إذا كان الإنسان بُصلي لنفسه، وفيما إذا كان مأمومًا أن ينوع، لكن إذا كان إمامًا فهل يُنوع أو لا ينوع؟
ننظر كما قلنا لكم سابقًا: لأن المسألة تربية وتعظيم للدين، وعلى ذلك فإذا كانوا جماعة طلبة علم فالأولى من الإمام أن ينوع؛ لأن الأمر ليس مُشكلًا عليهم، لكن إذا كانوا عوامًا هل من المستحين أن الإمام يقول:"اللهم ربنا ولك الحمد" اليوم، و"ربنا لك الحمد" غدًا، هذا يُشكل عليهم على أنه سيخالف السُّنة من وجه آخر، وهو أن يجهر بـ "ربنا ولك الحمد" وهو غير محل جهر الإمام لا يجهر بربنا ولك الحمد؛ لأنه يُسمع ويجهر بالتسميع ويكفي.
هذه المسائل يجب أن يراعى فيها أحوال العوام، القراءات الواردة في القرآن الكريم لا شك أنها سُنة، وأن الإنسان ينبغي أن يقرأ بها على الروايات حفاظًا على ما ورد في القرآن، ولأجل أن يعرف أن بعض القراءات يفسر بعضها بعضًا، لكن هل يقرأ بهذه القراءات المخالفة عندما يكون بين أيدي العوام؟ لا، لا يقرأ؛ لأن العوام كما قيل: هوام ما يفقهون الشيء، ثم في ظني أن القرآن سينقص قدره في نفوسهم إذا كان هذا يقرأ كذا، وهذا يقرأ كذا، حتى إني سمعت بعض العوام يسخر بقراءة الإمالة في "طه" و "الشمس وضحاها" وما أشبه ذلك، إذن كيف أقرأ بالإمالة بين العوام؟ إن القراءة بالإمالة تؤدي إلى أن يستهينوا بالقرآن ويسخروا به، القرآن مُعَظم في قلوب الناس لا تقرأ عليهم غير ما يفهمون، ولهذا جاء في حديث علي:"حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذَّب الله ورسوله" ٤، وقد أنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه