للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محل النساء مثلًا، وكان الإمام يُميز بين التكبيرات، ثم قال: "الله أكبر" وجلس في الثالثة وسبحوا به، سيقوم بلا تكبير، الذين في المكان الثاني سوف يبقون جالسين؛ لأن هذا التكبير تكبير جلوس، ولا يعلمون أنه تغير في هذا الحال يبقون جالسين، أما إذا كان التكبير لا تمييز فيه فإنه لا تمييز لتكبير الجلوس والقيام، فإذا نبهه الذين في مكانهم وقام، فإذا الذين لا يشاهدونه قد قاموا بناء على هذه الركعة الثالثة مثلًا. فما أكثر إتباع السُّنة بركة حيث يحصل به فوائد كثيرة.

بعض الأئمة يفرق جدًا جدًا في هذا التمييز حتى رأيت من يُفرق بين الجلوس للتشهد الأول والجلوس للتشهد الثاني، وصليت وراءه، فوجدته كلما وصل إلى الجلوس للتشهد الأول جعل يمده مدًا عاديًا مثل بقية الأئمة، وإذ أتى إلى التشهد الأخير يمد طويلًا فتعجبنا؛ لأن هناك أئمة جُهال تجد أحدهم يصلي في الطرقات ويقول: "الله ويخفي آخر التكبير؛ أي: يلفظ بلفظ الجلالة بصوت مرتفع، بينما يخفي آخر التكبير "أكبر" إخفاء عظميًا يغلب على ظني أنه ليس عندهم مستند من الشرع وهو كذلك، لكن مستندهم أنهم يسمعون أئمة الحرم إذا كبروا صار آخر التكبير خفيفًا؛ لأنهم يبعدون عن اللاقطة، فظن بعض هؤلاء أن هذا هو السُّنة، ولذلك يجب على الإمام أن يتعلم، قال بعض الناس: إن هذا التكبير مده أو خفضه حسب الطبيعة، لكن هذا غير صحيح؛ لأنه لو كان حسب الطبيعة لم يكن فرق بين الجلوس للتشهد والجلوس لما بين السجدتين؛ لأنهم في كل رفع يطيلون التكبير بل هو شيء متعمد ليس على حسب الطبيعة يتعمدون المد وغيره، ولم أر في كتب الفقهاء السابقين التمييز بين التكبيرات إلا في التكبيرة من القيام إلى السجود أو من السجود إلى القيام، وذلك لطول المسافة، فيطيلون التكبير، لكن السُّنة أحق أن تُتبع ألا نفرق بين هذا وهذا.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الإمام يقول: "سمع الله لمن حمده وبعد أن يستتم قائمًا يقول: "ربنا ولك الحمد"، وهل المأموم مثله، وهل المنفرد مثله؟ الجواب: أما المنفرد فنعم مثله يقول: "سمع الله لمن حمده" حين الرفع، ويقول بعد استكمال القيام: "ربنا ولك الحمد".

أما المأموم، فقال بعض أهل العلم: إنه يقول: "سمع الله لمن حمده ويقول: "ربنا ولك الحمد" كالإمام، ولكن القول الراجح في هذه المسألة: أن المأموم إذا قال الإمام: "سمع الله لمن حمده" يقول: "ربنا ولك الحمد لأن هذا هو صريح الحديث حينما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما جُعل الإمام ليؤتم به" إلى أن قال: "وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد مع أنه قال: "إذا كبر فكبروا"، ففرق بين التكبير وبين التسميع، التكبير قال: "إذا كبر فكبروا"، التسميع، إذا قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>