قرءان مجيد} [البروج: ٢١]؛ لأن المقام يقتضي هذا؛ لأن الله تحدث فيها عن قوم اعتدوا على أوليائه وفتنوا المؤمنين والمؤمنات، فصار ذكر العظمة والمجد فيها مناسبًا تمامًا.
إذن نعود إلى الحديث:((المجد)) يعني: العظمة والسلطان، ولا أحد أعظم من الله، ولا أحد أكمل من سلطان الله عز وجل. ((أحق ما قال العبد)) ((أحق)) بالرفع خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: ذلك أحق ما قال العبد، يعني: أن الثناء على الله عز وجل وتمجيده وتعظيمه أحق ما قال العبد؛ يعني: أصدق وأوفق وأشد مطابقة للحال، لو أنك أثنيت على واحد من أهل الدنيا قد يكون هذا حقا، وقد يكون باطلًا، لكن إذا أثنيت على الله فهو أحق.
((ما قال العبد وكلنا لك عبد)) كلنا يعني: الخلق والبشر، كلنا عباد الله عز وجل بالعبودية الشاملة وهي عبودية القدر، وذلك أن العبودية تنقسم إلى قسمين: عبودية شرعية، وعبودية قدرية كونية، فقول الله عز وجل عن نوح:{إنه كان عبدا شكورا}[الإسراء: ٣]. وقوله عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}[الفرقان: ١]. أي العبودية؟ الشرعية، وقوله:{وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونًا}[الفرقان: ٦٣]. هذه عبودية شرعية، وقوله عز وجل:{إن كل من في السموات والأرض إلا أتي الرحمن عبدا}[مريم: ٩٣]. هذه العبودية القدرية الكونية، فقوله:((كلنا لك عبد)) هذا يشمل هذا.
((اللهم لا مانع لما أعطيت)) اللهم بمعنى: يا الله ((لا مانع لما أعطيت)) هل المعنى: لا مانع لما أعطيت في الفعل، أو لما قدرت أن تعطيه؟ الثاني؛ يعني: لا أحد يمنع ما قدرت أن تعطيه، مهما بلغت الأمة من قوة فلن تستطيع أن تمنع ما قضى الله أن يعطي من العلم والمال والصحة والبنين والجاه، كل شيء قدر الله أن يعطيه لا أحد يستطيع أن يمنعه.
فإن قال قائل: نجد بعض الناس يمنع فضل الله؟
نقول: نعم، يمنع فضل الله؛ لأن الله لم يقدره، ولو قدره الله ما استطاع أحد أن يمنعه، لكن الله تعالى قد يسلط آحادا من الناس يمنعون فضل الله أن يصل إلى عباد الله، لكن هذا إنما يكون بقضاء الله وقدره.
((ولا معطي لما منعت)) إذا قدر الله عز وجل أن يمنع هذا الشخص شيئا من فضله ما أحد يستطيع أن يعطيه، فإن أعطاه علمنا أن الله قدره لم يمنعه، وهذا إشارة إلى أن الأمور كلها بيد الله عز وجل.
((ولا ينفع ذا الجد منك الجد))، الجد يعني: الغنى والحظ، و ((منك)) تدل على أن ((ينفع)) بمعنى: يمنع، يعني: لا يمنع صاحب الجد من الله جده حتى وإن كان ذا سلطان عظيم، وقوة عظيمة، ومال كثير فإنه لا ينفعه هذا من الله شيئا.
من فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي بعد الرفع من الركوع قول: ((اللهم ربنا لك الحمد ... )