للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أحد إلا وقد تأكد أنه- أي: السند- قد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا قال العلماء: مرسل الصحابي يحمل على الاتصال، فإذا رأينا أحاديث كثيرة عن ابن عباس أو أحاديث كثيرة عن أبي هريرة- مع أنه قد تأخر إسلامه- فإننا نقول: هذه الأحاديث على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ما علمنا أنه أدركه؛ فهنا لا إشكال.

الثاني: ما علمنا أنه لم يدركه، فهذا وإن كنا نعلم أنه لم يأخذه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة إلا أننا نعلم أنه لن يأخذه إلا عن صحابي يثق به.

الثالث: ما جهلنا على الاتصال.

قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أمرت)) الأمر هنا معلوم ولذلك لم يسم؛ لأنه معلوم، وهذا كقوله تعالى: {يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا} [النساء: ٢٨]. الخالق معلوم- وهو الله عز وجل-، هنا الآمر معروف وهو الله عز وجل؛ إذ لا أحد يستطيع أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بشرع إلا الله- تبارك وتعالى- فهنا حذف الفاعل للعلم بالآمر، وفي رواية في البخاري: ((أمرنا أن نسجد))، فإما أن يكون الراوي نقلها بالمعنى، وإما أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم حدث بهذا الحديث في موضعين؛ لأنه لا يمكن أن يقول: ((أمرت أن أسجد)) و ((أمرنا أن نسجد)) في مكان واحد، فإما أن يكون الراوي رواه بالمعنى؛ لأن ما أمر به الرسول فهو أمر لأمته، رواه بالمعنى، وإما أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تحدث به في موضعين.

((أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم) وفي لفظ: ((أعضاء))، والمعنى واحد، ((على الجبهة وأشار بيده إلى أنفه)) إشارة إلى أنه بعض منها، فله استقلال وله اتصال، يعني: له استقلال عن الجبهة، وله اتصال بالجبهة، الذي جعله مستقلا الفاصل بين رأس الأنف وأصل الأنف، فإن هذا الفاصل يفصل بينه وبين الجبهة، وأما الاتصال فمن المعلوم أن عظم الأنف متصل بعظم الجبهة؛ ولهذا لم يجعله النبي صلى الله عليه وسلم مستقلا ولا منفصلا.

((وأشار بيده إلى أنفه، واليدين)) والمراد باليدين: الكفان، وهذه قاعدة يجب عليك- أيها الطالب- أن تعرفها: إذا أطلقت اليد فهي الكف، وإن قيدت فبما قيدت به، فقوله- تبارك وتعالى-: {والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما} [المائدة: ٣٨]. المراد الكفان؛ لأنها مطلقة وقوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} [المائدة: ٦]. قيدت بالمرفق، وعلى هذا فيكون قوله تعالى في التيمم: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} يكون المراد باليدين: الكفان فقط ولا يدخل الذراع؛ لأن اليد إذا أطلقت يراد بها الكف.

((واليدين والركبتين)) الركبتان معروفتان وهما: مفصل ما بين الساق والفخذ، ((وأطراف القدمين)) هي الأصابع.

<<  <  ج: ص:  >  >>