في هذا الحديث فوائد منها: وجوب السجود على هذه الأعضاء السبعة؛ لأن الأصل في الأمر الوجوب، ولأنه لا يتحقق كمال السجود إلا بذلك.
ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد يتوجه إليه الأمر، أمره سيده- سبحانه وتعالى- أن يسجد على سبعة أعظم وحينئذ تنتزع خصائص الربوبية من حق الرسول صلى الله عليه وسلم، بل هو الذي انتزعها صلى الله عليه وسلم خصائص الربوبية لا تكون إ لا لله عز وجل، مهما بلغ العبد من الكمال فإنه لن يستحق شيئا من خصائص الربوبية.
ومنها: أن هذه الأعضاء تسمى أعظما؛ لأنها عظام: اليد، الجبهة، الركبتان، أطراف القدمين.
ومنها: أنه لا تجزئ الجبهة عن الأنف ولا الأنف عن الجبهة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر الجبهة أشار إلى الأنف، فلو وضع إنسان أنفه على الأرض دون الجبهة لم يتم السجود، ولو كان العكس وضع الجبهة دون الأنف لم يتم السجود، وعلى هذا يلفت نظر أولئك الذين يلبسون العقال ويكبونه بحيث يكون العقال يحول بين جباهم أن تصل إلى الأرض؛ لأن بعض الناس يكب العقال؛ يعني: ينزله على الجبهة فترتفع الجبهة.
وهل إذا كان على جبهة الإنسان شيء-كالعقال- لمرض أو نحوه هل يجزئه السجود عليه؟
الجواب: نعم، كما يجزئ السجود في الخفين مع أن أطراف الأصابع لا تمس الأرض.
ومن فوائد هذا الحديث: وجوب السجود على الركبتين جميعا، فلو رفع إحداهما لم يتم السجود، وفيه أيضًل وجوب السجود على أطراف القدمين وهي الأصابع، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين أن تكون الأصابع موجهة إلى القبلة أو أن نسجد على ظهور الأصابع، فإنه يدخل في قوله:((أطراف القدمين)).
وهنا مباحث مهمة:
المبحث الأول: لو أن الإنسان عجز عن السجود على الجبهة والأنف لجراح فيهما فهل يسجد على بقية الأعضاء أو لا يسجد؟ ننظر إلى قوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦]. فإذا طبقنا هذه الآية على هذه المسألة قلنا: يجب السجود على بقية الأعضاء، وعليه فيجب أن يقرب من الأرض ما يمكن، ويضع يديه وركبتيه وأطراف قدميه على الأرض، ودليل هذا قوله تعالى:{فاتقوا الله ما استطعتم}[التغابن: ١٦]. وقال عز وجل {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}[البقرة: ٢٨٦]. وهذا وسعها، وقال تعالى:{والذين أمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها}[الأعراف: ٤٢].
وقال بعض أهل العلم: إنه عجز عن السجود بالجبهة سقط السجود على بقية الأعضاء لكن هذا القول ضعيف تضعفه الآية {فاتقوا الله ما استطعتم}، نعم، لو فرض أن الإنسان في ظهره مانع يمنع من الانحناء، فهنا نقول: يسقط عنه بقية الأعضاء؛ يعني: لا نقول للرجل الذي لا