٢٨٧ - وعن ابن بحينة رضي الله عنه ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى وسجد فرج بين يديه، حتى يبدو بياض إبطيه)). متفق عليه.
((كان إذا صلى)) يقول العلماء- رحمهم الله-: إن ((كان)) إذا صار خبرها فعلا مضارعا فإنما تدل على الدوام، ولكن غالبا لا دائما، والدليل على أنها ليست دائمة: أن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه أصحابه أنه كان يقرأ في صلاة الجمعة بـ ((سبح)) و ((الغاشية))، ونقلوا عنه أنه كان يقرأ الجمعة بـ ((الجمعة)) و ((المنافقون))، فلو قلنا: إن ((كان)) تدل على الاستمرار والدوام لكان في هذا تناقض، ولكنها تدل على الدوام والاستمرار غالًا، فقوله عز وجل:{وكان الله على كل شيء مقتدرا}[الكهف: ٤٥]. تدل على الدوام والاستمرار، فالإطلاق بأن ((كان)) تفيد الدوام والاستمرار غير صحيح.
((كان إذا صلى وسجد فرج بين يديه)) الكفين، أم الذراعين والعضدين؟ الثاني هو المقصود؛ لأنه هو الذي به بياض الإبط وبياض الإبط داخله؛ لأن داخل الإبط أبيض من بقية البدن؛ حيث إن بقية البدن يتعرض للشمس والهواء فيسود، بخلاف المناطق الداخلية فإنها تبقى بيضاء.
في هذا الحديث فوائد منها: أنه ينبغي للساجد أن يفرج بين يديه إذا سجد حتى يبدو بياض إبطيه، وإذا كان الإنسان ليس عليه رداء إنما عليه قميص فماذا يصنع؟ نقول: يفرج بحيث لو لم يكن عليه إلا رداء لبان بياض إبطيه، وإلا من المعلوم أن القميص لا يمكن أن يبين بياض الإبط، ويستثنى من هذا- أي: من التفريج- ما إذا كان في جماعة، فإنه لو كان في جماعة وفرج لآذى من بجانبه وأشغله عن صلاته فلا يفرج، إذن تكون هذه المسألة في الإمام والمنفرد، أما من كان مع الجماعة فلا يفرج؛ لأن ترك السنة لدفع الأذى أولى من فعل السنة مع الأذى؛ لأن الأذية تتعدى للغير؛ ولهذا لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم وهم يقرءون في الليل ويجهرون نهاهم وقال:((لا يؤذين بعضكم بعضا في القراءة)).
ومن فوائد هذا الحديث: أن بشرة النبي صلى الله عليه وسلم كانت بيضاء وهو كذلك فإنه أزهر اللون صلوات الله وسلامه عليه.
٢٨٨ - وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إذا سجدت فضع كفيك، وارفع مرفقيك)). رواه مسام.
فبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا كيف يكون وضع اليدين فقال:((إذا سجدت فضع كفيك)) يعني: على الأرض، ((وارفع مرفقيك)) يعني: عن الأرض، وليس فيه التفريج، لكن أضف هذا إلى