للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث التفريج يكون ارتفاعا مع التفريج، فصار الساجد يضع الكفين ويرفع المرفقين ويفرج بين اليدين والجنبين هذا هو الأصل. ولكن لو أنه لم يفعل هل يكفي أو لا يكفي؟ يكفي؛ لأن هذا من باب الأفضلية.

وقوله: ((ضع كفيك)) لم يبين كيف يكون الوضع؟ هل يضع الكفين مفرجة بين الأصابع أو مضمومة الأصابع؟ الجواب: يضعها مضمومة الأصابع، وهل يضعها مستقبلة القبلة أو منحرفة يمينًا أو شمالًا، نقول: يضعها مستقبلة القبلة حتى مع المجافاة الأفضل أن تبقى متجهة إلى القبلة، خلافا لما يفعله بعض الناس إذا جافى جعل الأصابع مستقبلة محرفة عن القبلة وهذا غلط، بل تبقى اليدان متجهة إلى القبلة مضموم، وأين يكون مكانها هل هي على حذاء المنكبين، أو على حذاء الأذنين، أو على حذاء الجبهة؟ الجواب: كل هذا وارد إن شئت فقدم حتى تسجد بين الكفين، وإن شئت فأخر حتى تسجد إلى شحمة الأذنين، وإن شئت تأخرت تحاذي المنكبين، الأمر واسع.

وتعلمون أن الصلاة ليست صلاة واحدة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم فيكون في هذا تناقض، الصلوات لا يحصيها إلا الله، فمرة يفعل كذا، ومرة يفعل كذا، فهل الأفضل أن يقتصر على نوع واحد، أو يأتي بالأنواع كلها؟ الجواب: الثاني؛ لأن عندنا قاعدة العبادات الواردة على وجوه متنوعة فالأفضل أن يفعلها على جميع الوارد هذا تارة وهذا تارة، وذلك للوجوه التالية:

أولًا: أن بذلك تتحقق الأسوة بالرسول- عليه الصلاة والسلام- لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة وهذا مرة.

الثاني: فيه حفظ السنة الأخرى، لأنك لو اقتصرت على واحد من الوجوه نسيت الوجوه الأخرى.

ثالثًا: أن فيه دفعًا للسآمة والملل.

رابعًا: أن فيه انتباها؛ لأن الإنسان إذا صار على وتيرة واحدة صار كأنه ماكينة تشغيل أوتوماتيكية، وإذا كان ينتقل صار ينتبه اليوم على هذا الوجه، والثاني على هذا الوجه، ولذلك إذا اقتصر الإنسان على استفتاح واحد تجده إذا كبر تكبيرة الإحرام شرع في أدعية الاستفتاح بدون شعور، لكن لو كان يستفتح بهذا مرة وهذا مرة صار ذلك أشد انتباها، أهم شيء في هذه الوجوه هو تمام التأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم.

من فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأمته كل شيء تحتاجه حتى في كيفية السجود كيف تسجد؛ لأن هذا من تمام إبلاغ الرسالة صلوات الله وسلامه عليه، ولا أحد أشد من النبي صلى الله عليه وسلم في إبلاغ الرسالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>