للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكم القنوت في الفجر:

٢٩٥ - وعن سعد بن طارق الأشجعي رضي الله عنه قال: ((قلت لأبي: يا أبت، إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، أفكانوا يقنتون في الفجر؟ قال: أي بني، محدث)). رواه الخمسة، إلا أبا داود.

قال: ((قلت لأبي: إنك قد صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي)) وهؤلاء هم الذين يصدر الناس عن سنتهم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)).

((أفكانوا يقنتون في الفجر؟ )) والاستفهام هنا استفهام استعلام واستهداء واسترشاد، الهمزة للاستفهام، والفاء عاطفة، وإذا كانت عاطفة لزم من هذا ألا تكون الصدارة للهمزة؛ لأن العطف يقتضي أن يكون هناك معطوف عليه، اختلف المعربون في مثل هذا التركيب، فمنهم من قال: إن الهمزة داخله على شيء محذوف يقدر بما يناسبه، فتكون همزة مصدرة في جملتها المحذوفة، ومنهم من قال: بل إن الفاء عاطفة على ما سبق، إن كان قد سبق كلام، وتكون مزحلقة، بمعنى: أن الأمر يتطلب أن تكون الفاء عاطفة على مقدر مناسب للمقام، ونسلم كذلك أيضًا تأتي الهمزة وبعدها الواو مثل: {أو لم يسيروا في الأرض}، نقول فيها مثل قولنا في ((أفكانوا يقنتون)) الهمزة للاستفهام، و ((الواو)) حرف عطف، والمعطوف عليه مقدر بما يناسب المقام.

وقوله: ((أي بني، محدث)) ((أي)) حرف نداء؛ لأن حروف النداء ستأتينا في الألفية بعد زمن قريب إن شاء الله، وإن كان بعضكم يقول: بعد عشر سنين، الله أعلم.

حروف النداء كثيرة، ((أي)) للقريب، فهي تنوب مناب الياء لكنها للقريب، و ((بني)) مصغرة، هل التصغير للرأفة والعطف والحنان، أو لأن الابن صغير؟ الأول؛ لأن ظاهر سؤاله أنه كبير فاهم، فيكون هذا التصغير للرأفة والرحمة والتلطف مثل ما يقول العوام عندنا: يا وليدي ما تدر ما الحل، ((يا وليدي)) بدل ((يا ولدي)) تحننًا وتعطفًا، وقوله: ((محدث)) خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو محدث وهذا في غاية ما يكون من الإنكار؛ لأنه إذا كان محدثًا، فكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>