للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انهزم فيها المسلمون: {ويتخذ منكم شهداء} [آل عمران: ١٤٠]. وهذه غنيمة، ومنها أنه من أجل أن يمحق الكافرين، ومعنى ذلك: أن الكافر إذا انتصر ازداد طمعا فقاتل، فإذا قاتل صارت الهزيمة عليه هو، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله على قصة أحد فوائد عظيمة فقهيه وعقدية من أحب أن يراجعها فليفعل فإنه مفيد، فصار هذا الأمر أمرًا طارئا، لكن عواقبه العز.

((تباركت ربنا وتعاليت)) تبارك هذه فعل يوصف الله به عز وجل ومعنى تبارك: أنه متعال، وأنه ذو بر وإحسان، فكل ما في الكون من بركة فهو من آثار تباركه- تبارك وتعالى-.

فإن قال قائل: هل هذا الفعل مختص بالله، بمعنى: أنه لا يجوز أن يقول لشخص: تباركت؟

فالجواب: إن كان مطلقا فلا يجوز، وإن قيده بأن قال: تباركت علينا، أي: أصابتنا البركة لحضورك؛ فهذا لا بأس به بشرط أن تكون هذه البركة محسوسة معلومة، مثل أن يكون مجلس هذا الذي قدم إلى البيت مجلس علم ودعوة وإرشاد، بعض الناس يكون فيه بركة كما قال أسيد بن حضير لما أنزل الله آية التيمم بسبب انحباس الناس في طلب عقد عائشة رضي الله عنها أنزل الله آية التيمم، وآية التيمم فيها فرج وتيسير قال: ((ما هذه أول بركتكم يا آل أبي بكر))، أما إن قصد التبارك الشخصي الجسدي فهو لا يجوز إلا واحد من الخلق- وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم-.

((تعاليت)) من العلو، والتاء هذه تدل على المبالغة؛ أي: ترفعت عن كل نقص، وترفعت أيضًا فوق كل شيء، فالتعالي هنا يشمل التعالي المعنوي والتعالي الذاتي.

ثم قال: زاد الطبراني والبيهقي ((ولا يعز من عاديت)) هذه ضد قوله: ((لا يذل من واليت)) من عاداه الله عز وجل فلا عزة له وهو وإن صار له عزة في الوقت فالعاقبة الذل، واسمع إلى قول الله عز وجل في سورة المنافقون قال: {ليخرجن الأعز منها الأذل} [المنافقون: ٨]. ويعنون بالأعز: هم أنفسهم، والأذل يعنون به: رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الله عز وجل ردًا عليهم: {ولله العزة وللاسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون} [المنافقون: ٨]. كان المتوقع أن يكون الجواب: والله هو الأعز ورسوله والمؤمنون، لكن لو كانت العبارة هكذا لصار للمنافقين عزة، لكن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أعز، لكن نفى عنهم العزة مطلقا ولله العزة وحده ولرسوله وللمؤمنين، وهذا نظير قول الله تعالى: {والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء} [غافر: ٢٠]. لا حق ولا باطل {إن الله هو السميع البصير} [غافر: ٢٠]. هذا نفي العز لمن عادى الله، كما أنه أيضًا قد يحصل العز لمن عادى الله لمصالح أخرى.

ثم قال: ((وصلى الله تعالى على النبي)) يعني: محمد صلى الله عليه وسلم هذه زادها النسائي، والصلاة على

<<  <  ج: ص:  >  >>