للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواية النسائي: "كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد" وماذا يقولون؟ ليت المؤلف رحمه الله أتى بها، كانوا يقولون قبل أن يفرض عليهم التشهد: "السلام على الله من عباده السلام، على جبريل السلام، على ميكائيل"، وما أشبه ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام" لأنك لو قلت: السلام على الله لأوهم هذا أن الرب عز وجل يمكن أن يلحقه نقص وضرر فتدعو له بالسلامة مع أنه عز وجل هو السلام السالم من كل نقص، ولكن قولوا: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين"، فإنكم إذا قلتم ذلك سلمتم على كل عبدٍ صالح في السماء والأرض، سواءً كان من الملائكة، أو من بني آدم السابقين، أو من الجن كل عبدٍ صالح في السماء والأرض فإنه تشمله هذه الكلمة: "عباد الله الصالحين"، ووجه ذلك في اللغة: أنها جمع مضاف، والجمع المضاف يكون للعموم، بل المفرد المضاف يكون للعموم.

- ولأحمد: "أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد، وأمره أن يعلمه الناس".

"علمه" أي: علم ابن مسعود التشهد، وأمره أن يعلمه الناس حتى لا يظن الظان أن ذلك خاص به.

في هذا الحديث فوائد عظيمة منها: مشروعية هذا الدعاء وأنه فرض، والفرض هو الشيء اللازم الذي لا انفكاك عنه، ولكن هو ركن في الصلاة أو ليس بركن؟ دلت السنة على أنه ليس بركنٍ في التشهد الأول، ووجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قام عنه ساهيًا جبره بسجود السهو، ولو كان ركنًا لأتى به، أما في الأخير وهو الذي يعقبه السلام سواء كانت الصلاة ثنائية أو ثلاثية أو رباعية فإنه ركن لا تصح الصلاة إلا به.

ومن فوائد هذا الحديث: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ السنة والعناية بها، يؤخذ هذا من اللفظ الذي حذفه المؤلف، وهو قوله- أعني ابن مسعود-: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمنا السورة من القرآن"، لأن هذا القبض يوجب انتباه المخاطب، وأن يعتني بما يقال له.

فإن قال قائل: هل يمكن أن ينبه المخاطب بقبض يدٍ واحدة؟

الجواب: نعم، يمكن.

فإن قال قائل: وهل يسن في السلام أن يقبض الإنسان بيديه كلتيهما، يعني: في المصافحة، أو تكفي يد واحدة؟

فالجواب: أننا لا نعلم أن السنة جاءت إلا بالمصافحة بيدٍ واحدة وهي اليمنى، لكن جرت العادة عند الناس أنهم أحيانًا يقبضون على الكف فيكون بين الكفين، أو يمسكون الذراع- ذراع اليد- إشارةً إلى إكرام هذا المسلم، فإذا كان الإنسان يفعلها أحيانًا دون أن يتخذها سنةً فأرجو ألا يكون به بأس إن شاء الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>