للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة - جعلنا الله وإياكم منهم- فإنهم يأكلون في صحاف الذهب والفضة ويشربون أيضا في أوانيها.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: "جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما"، هذا الأكل والشرب في هذه الأواني الثمينة لا يكون للمؤمن هذا هو التعليل المنطبق المطرد، وأما تعليل بعض العلماء بأن هذا يوجب تضييق النقدين على الناس؛ لأن النقدين من الذهب والفضة؛ من الذهب يسمى دينارا، ومن الفضة درهما، قالوا: لو أنها جعلت أواني لضاقت النقود على الناس، وبعضهم يقول: لأننا لو جعلنا هذه الأواني لانكسرت قلوب الفقراء، وهذا أيضا دليل عليل سنبين إن شاء الله ذلك، ومنهم من قال: إن فيهما خيلاء وسرفا وهذا أيضا منتقد.

أما ألأول - وهو التضييق- فيقال: يلزم على هذه العلة أن نمنع لباس الذهب والفضة على الرجال والنساء؛ لأن ذلك يضيق النقدين على الناس ولاسيما في بلاد ضعيفة الاقتصاد، ومعلوم أن الذهب حلال للنساء وأن الفضة حلال للنساء، الذين يقولون إن ذلك كسرا لقلوب الفقراء؛ فنقول: إذن حرام كل ما ينكسر به قلب الفقير، إذا رأيت سيارة فخمة يركبها غني أو أمير أو وزير قل: هذه حرام؛ لأن الفقير يقول" لماذا هذا يركب سيارة (بيوك)، (رينو) وأنا ليس عندي إلا (مزاد) متكسرة ينكسر قلبه لا شك، إذن حرم على هؤلاء ركوب ذلك، البيوت أيضا رجل بيوته أعشاش الثاني قصور فخمة مشيدة، أيضا اللباس رجل فقير لباسه مرقع وآخر لباسه من أفخم اللباس المباحة، نقول أيضا: حرام، لأن هذا ينكسر به قلب الفقير، بقي علينا السرف والخيلاء، السرف والخيلاء قد يكون في آواني غي الذهب والفضة، الأواني من الماس والجواهر النفيسة التي هي أغلى من الذهب والفضة أشد خيلاء وأشد إسرافا ومع ذلك لا نحرمها لذاتها، الذهب والفضة محرم لذاتهما، حتى وإن كان فنجانا وهذا الرجل عنده ملايين الملايين لا يعد سرفا ولا يهتم به، يقول: هذا حرام؛ إذن العلة التي ذكرها النبي - عليه الصلاة والسلام- هي العلى المطردة التي لا تنقطع من يستطيع أن يقول: إن الذهب والفضة للكفار في الآخرة؟ لا أحد يستطيع، أما في الدنيا فيقول: إنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة، هذه هي العلة الحكيمة.

سبب تحديث حذيفة بهذا الحديث: أنه كان في بيته أو في قصره فدعا بماء، فجاء الدهقان إليه بماء في إناء من فضة، فأخذ الإناء ورماه به ورمى الدهقان وقال للجماعة الذين عنده: إتي أخبركم أني قد نهيت أن يسقيني فيه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما"، وانتبهوا لقوله: إني نهيت أن يسقيني فيه؛ لأنه سيترتب عليه مسألة إن شاء الله ستأتينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>