المهم: أن حذيفة حدث بهذا الحديث لهذا السبب، وربما حدث به في مكان آخر لا أدري لكن هذا الذي جاء في صحيح مسلم.
ففي هذا الحديث: أولا تحريم آنية الذهب والفضة؛ لأن الأصل في النهي التحريم، ولأن في الحديث إشارة إلى أن من أكل أو شرب فيهما فإنه حري أن يحرمهما في الآخرة؛ لأن الله لم يبح ذلك لنا إلا في الآخرة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا فرق بين الآنية الكبيرة أو الصغيرة، أو الأكل الكثير أو الشرب اليسير، حتى لو جرعة من الماء في ملعقة فهي حرام، وكذلك أيضا لو كانت لقمة واحدة في ملعقة فهي حرام، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه". إذن نجتنب الأكل كله والشرب كله، ما نأكل لا بقليل ولا بكثير، ولا بآنية صغيرة.
ومن فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرسول - عليه الصلاة والسلام- وذلك لذكر العلة عند ذكر الحكم؛ لأن ذكر العلة يوجب الطمأنينة واستقرار القلب، وكذلك يبين سمو الشريعة وأنه ليس فيها حكم إلا مقرون بحكمه، وهذه من أحسن التعليم وأبين البيان.
ومن فوائد الحديث: جواز استعمال آنية الذهب والفضة في غير الأكل والشرب؛ لأن النهي عن الأكل والشرب فقط، فلو استعمل الإنسان آنية الذهب والفضة في أدوية يخزنها، أو في دارهم، أو في أي حاجة من الحاجات غير الأكل والشرب؛ فإنه لا بأس بها؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح الناس وأنصح الناس وأعم الناس، ولو كان استعمال الذهب والفضة في غير الأكل والشرب حراما لبينه الرسول - عليه الصلاة والسلام- بيانا واضحا حتى لا يبقى إشكال، ثم إن قول حذيفة رضي الله عنه:"إني أخبركم أني قد نهيت أن يسقيني بها". يدل على أن حذيفة كانت عنده هذه الآنية لكنه لا يستعملها في أكل أو شرب، وهذا واضح، ولا ينبغي لنا إطلاقا إذا ذكر الشارع شيئا خاصا أن نعممه؛ لأن ذلك يعني أنا ضيقنا ما وسعه الشارع، ومعلوم أننا نتعبد بما دل عليه الكتاب والسنة لا نحجر على عباد الله، وفيه ثلاثة أمور: اتخاذ واستعمال في غير الأكل والشرب، واستعمال في الأكل والشرب، والاستعمال في الأكل والشرب حرام لا إشكال فيه، بل ظاهر النص أنه من كبائر الذنوب.
الاتخاذ الخلاف فيه معروف بمعنى: يتخذه الإنسان إما زينة أو لسبب م الأسباب لكن لا يستعملها، هذا الخلاف فيه معروف، الاستعمال حكى بعض الناس أن العلماء أجمعوا على التحريم ولكن ليس بصحيح، لا يوجد فيه إجماع، وقد أنكر الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار