ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد لا يعبد، هو عبد فلا يستحق أن يعبد، لأنه لو يستحق أن يعبد لكان ربًا، ولكنه عبد.
ومنها: إثبات الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم لقوله: "ورسوله"، وإثبات العبودية والرسالة فيهما فائدة الرد الغالين والمفرطين في حق الرسول- عليه الصلاة والسلام-؛ وجه ذلك: أن الغالين قالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم له تأثير في المخلوقات وله حق في الربوبية؛ وهذا يكذبه قوله:"عبده"، والثاني: المفرطون قالوا: إنه ليس برسول، أو إنه رسول إلى العرب خاصةً، وفي الجمع بين العبودية والرسالة رد على الطائفتين جميعًا.
ومن فوائد هذا الحديث: رفع الإشكال الذي أورده بعض العلماء في قوله: "السلام عليك أيها النبي"، ولم يقل:"أيها الرسول"؛ لأن الحديث جمع بين الوصفين: النبوة في أول الحديث، والرسالة في آخر الحديث؛ فصار ذكر الرسالة بعد ذكر النبوة تصريح بالمضمون، ولو ذكر في الأول الرسول لكان إثباتًا لنبوة بطريق اللزوم وليس بالتصريح، وهنا نذكر حديث البراء بن عازب الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم إياه بقوله عند النوم وفيه:"آمنت بنبيك الذي أرسلت" فلما أعادها البراء على النبي صلى الله عليه وسلم قال: آمنت برسولك الذي أرسلت، قال:"لا، بنبيك الذي أرسلت"، فمن العلماء من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليه حفاظًا على الألفاظ النبوية في الأذكار فلا تغير ولو إلى معنى يتضمن المغير، ومنهم من قال: المراد أنه لو قال: برسولك الذي أرسلت، لم يتعين أنه النبي؛ لأن الله أرسل جبريل كما قال عز وجل:{إنه لقول رسولٍ كريم* ذي قوةٍ عند ذي العرش مكين}[التكوير: ١٩ - ٢٠]. وجبريل ليس بنبي، فإذا قال:"برسولك الذي أرسلت" لم يتعين أن يكون المراد به النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قال:"بنبيك الذي أرسلت" تعين أن يكون المراد: النبي صلى الله عليه وسلم.
وهناك وجه آخر في عدم تغييره التعبير وهو: أنه لو قال: "برسولك الذي أرسلت" لصار دلالة ذلك على النبوة من باب اللزوم، فإذا قال:"بنبيك الذي أرسلت" صار من باب التصريح، يعني: ليس ضمنًا.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تدخل في هذا التشهد لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بها بل قال: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه".
ومنها: جواز الدعاء بكل ما يريده الإنسان وهو يصلي لأنه قال: "ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه"، لو دعا بشيءٍ من أمور الدنيا جاز خلفًا لبعض العلماء الذي يقول: إذا دعا في الصلاة بشيءٍ من أمور الدنيا بطلت الصلاة، هذا خلاف الحديث، الحديث:"ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه"، يجوز أن يدعو الله عز وجل بأن ينجح في الاختبار؟ نعم يجوز، وإذ أعجبه شيئًا