بشيء، على كل شيءٍ قدير، {وما كان الله ليعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان عليمًا قديرًا}[فاطر: ٤٤].
ثم ختم هذا الذكر بشيءٍ من التفصيل من تمام ملك الله فقال:"اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". "لا مانع لما أعطيت" يعني: أنما أعطى الله العبد فإنه لا أحد يمنعه، ما معنى "ما أعطيت" يعني: ما وصل إلى المعطى بالفعل، أو ما قدرت أن تعطيه؟ ما قدرت أن تعطيه، لأن قوله:"لا مانع" المنع يكون قبل الوصول، فلا أحد يمنع ما أعطاك الله عز وجل أبدًا وهو كقوله:"ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليبك"، فالذي قدر الله أن يصل إليك ما أحد يمنعه أبدًا لابد أن يصل، "ولا معطي لما منعت" الشيء الذي منعه الله عز وجل لا يمكن أن يعطيك إياه أحد، ولا يمكن أن يصل إليك مهما بدلت من الأسباب التي توصل إلى هذا الشيء الذي تريده، فإنه لا يمكن أن يصل إليك مادام الله قد منعه.
"ولا معطي لما منعت" إذا آمن الإنسان بهاتين الكلمتين- والإيمان بهما واجب- فإنه يعتمد في رزقه على الله، وفي دفع الضرر على الله، وفي جلب النفع على الله، ويكون دائمًا معتمدًا على ربه معتقدًا أنه- سبحانه وتعالى- هو حسبه لا غيره.
"ولا ينفع ذا الجد منك الجد" الجد: قال العلماء: هو الحظ والغنة، "ذا الجد" أي: صاحب الجد منك متعلق بـ"ينفع"، ولهذا كلمة" ينفع" إما أن تتضمن معنى: يغني، أو معنى: يمنع، صاحب الغنى وصاحب الحظ لا ينفعه حظه من الله ولا غناه من الله {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروجٍ مشيدة}[النساء: ٧٨]. فصاحب الحظ والغنى في الدنيا مهما كان عنده ما ينفعه فهو غير نافعٍ له في الآخرة كما قال:"ولا ينفع ذا الجد منك الجد"، ما قال:"جده" قال: "الجد"، يعني: حتى ولو كان على جد أعظم شيءٍ فإنه لا يمكن أن ينفعه من الله عز وجل، وهذا إذا آمن الإنسان به- ويجب عليه أن يؤمن به- يستلزم أن يكون الإنسان معتمدًا على ربه في حمايته لا على جنده ولا على ماله ولا على نصيبه وحظه، وإنما هو على ربه لا شريك له.
وبهذا التقرير الذي لم نف بما تدل عليه هذه الكلمات العظيمة يتبين أهمية الذكر بعد الصلاة:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد". قوله:"اللهم" أصلها: يا