التفسير هو تفسير "لا إله إلا الله" لكان المشركون موحدين، وهذا التفسير الذي فسر به المتكلمون كلمة الإخلاص من أبطل التفاسير، ولا يصح.
وقوله:"وحده" تأكيد للإثبات، "ولا شريك له" تأكيد للنفي، لأن كلمة الإخلاص تضمنت إثباتًا ونفيًا، تضمنت إثبات الألوهية الحق لله، ونفي الألوهية الحق لغير الله، فلهذا "وحده" يكون تأكيدًا للإثبات و"لا شريك له" يكون تأكيدًا للنفي.
"له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير""له الملك" جملة خبرية قدم فيها الخبر، وتقديم الخبر يدل على الحصر، "له" يعني: لله وحده الملك، فلا أحد مالك إلا الله، وهو- سبحانه وتعالى- مالك الملك، ولهذا قال:"له الملك" وجاءت الفاتحة {مالك يوم الدين} و {ملك يوم الدين}، وذلك لأن كمال الملك في الملكية والتصرف أو التدبير. الله عز وجل مالك مالك، والخلق منهم من يكون مالكًا وليس بملك، ومنهم من يكون ملكًا وليس بمالك، هناك أناس يملكون لكن ليس لهم بتدبيرٍ الملك شيئًا، وهناك أناس يدبرون وليس لهم صفة الملك فهم مالكون وليسوا بملوك، أما الرب عز وجل فإنه ملك الملوك، ومالك الملك، ولهذا قال:"له الملك".
فإن قلت: إن الله تعالى أثبت لغيره ملكًا قال لسليمان: {هب لي ملكًا لا ينبغي لأحدٍ من بعدي}[ص: ٣٥]. وقال الله تعالى:{إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم}[المؤمنون: ٦]. وقال:{أو ما ملكتم مفاتحه}[النور: ٦١]. فكيف نقول: إن الملك يختص باله؟
فالجواب: أن الملك الذي لغير الله ملك محدود من حيث الشمول ليس بشامل، ومن حيث التصرف أيضًا ليس بشامل، فأنت إما تملك مالك فقط لا تتملك مال فلان، ومال فلان وملكك لمالكٍ محدود أيضًا لا تملك التصرف المطلق كما تشاء وإنما تتصرف في ملكك كما أذن الله لك، فملكنا محدود مهما كان لنا من الملك، وقوله:"له الملك وله الحمد" الحمد: هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم، وهذا هو الفرق بين الحمد والمدح.
المدح تصف الممدوح بصفات الكمال لكن بدون محبة، لكن الحمد تجد قلبك ممتلئ محبةً لهذا الموصف، فالحمد هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم، وانظر إلى الفائدة في قرن الحمد بالملك ليتبين لك أن ملك الله عز وجل مبني على الحمد، فكم من ملك لا يُحمد، وكم من مالكٍ لا يُحمد، لكن الرب عز وجل محمود، فملكه مقرون بالحمد، ولهذا قل:"له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير" كل شيء فالله تعالى قادر عليه، سواء ما يتعلق بأفعاله أو بأفعال الخلق. الله تعالى قادر على أن يوجد المعدوم وبعدم الموجود، وقادر على أن يغير ويحول الشيء من شيءٍ إلى شيء، قدرة مطلقة لا حدود لها، ولا تقيد بشيء، ولا تخصص