"وعلى حسن عبادتك": فهو أخص من الشكر، لأن الشكر يحصل بالعبادة، وإن كانت على غير الوجه الأحسن، لكن على حسن عبادتك أخص.
وفي الإعانة على هذه الأمور إعانة على ما فيه سعادة الإنسان في الدنيا والآخرة، وفي سؤال العبد ربه أن يعينه على ذلك عنوان على افتقاره إلى ربه، وأنه- سبحانه وتعالى- إن لم يعنه فإنه لا يسعد وهو كذلك إذا لم يمدك الله عز وجل بعونه، فإنه إن وكلك إلى نفسك وكلك إلى ضعفٍ وعجزٍ وعورة، ولهذا قرن الله الاستعانة بالعبادة فقال:{إياك نعبد وإياك نستعين}، وقال:{فاعبده وتوكل عليه}[هود: ١٢٣]. فلابد من استعانة العبد بربه، فإن لم يعنه شغل وعجز عن إدراك العمل.
وفي قوله:"حسن عبادتك" لم يقل: "على عبادتك"، لأن الإنسان قد يعبد ربه، ولكن لا يكون عمله حسنًا إما لعدم إخلاصه، وإما لعدم متابعته، والعمل لا يكون حسنًا إلا بأمرين: بالإخلاص لله، والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله:"أن تقول دبر كل صلاة" اختلف العلماء في معنى: "دبر"، فقال بعض العلماء: أي بعد الصلاة، وهذا هو المشهور عند أكثر أهل العلم، وقال بعض العلماء:"دبر كل صلاة" أي: في آخر الصلاة قبل السلام، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال: لأن محل الدعاء آخر الصلاة ليس بعد الصلاة، الذي بعد الصلاة الذكر، وأما الدعاء فهو قبل، وعلى هذا فإذا جاءت كلمة "دبر" إن كان دعاء فهو قبل السلام، وإن كان ذكر فهو بعد السلام، ولهذا دليل من القرآن والسنة، أما من القرآن في الذكر فقال الله تعالى:{فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله}[النساء: ١٠٣]. فجعل محل الذكر بعد الصلاة، فكل ذكرٍ مقيد بدبر الصلاة فالمراد بعدها، وأما في الدعاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود لما ذكر التشهد:"ثم ليتخير من الدعاء ما شاء". وقال:"إذا تشهد أحدكم التشهد الأخير فليقل: أعوذ بالله من عذاب جهنم"، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ما بعد التشهد وقبل التسليم محلًا للدعاء، وحديث معاذٍ هذا قد ورد في بعض ألفاظه أن الرسول أمره أن يقول:"في صلاته"، وهذه الرواية تؤيد ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من أنها تقال قبل السلام لا بعده.