عليه، {وما كان الله ليعجزه من شيءٍ في السموات ولا في الأرض إنه كان عليمًا قديرًا}[فاطر: ٤٤].
إذن بعد كل صلاةٍ مكتوبة تقول: سبحان الله ثلاثًا وثلاثين، والحمد لله ثلاثُا وثلاثين، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، وتختم المائة بقولك:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير" أو تقول: "الله أكبر" أربعًا وثلاثين تختم بها المائة، هذا جائز وهذا جائز.
فإن قلت: هل الأفضل أن أفردها، أو الأفضل أن أجمعها؟ يعني: الأفضل أقول: "سبحان الله" حتى أكمل، "الحمد لله" حتى أكمل، "الله أكبر" حتى أكمل، أو الأفضل أن أجمعها فأقول:"سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر"؟
فالجواب: أن تلك الصفتين قد وردت عن النبي- عليه الصلاة والسلام-، فهذا جائز، وهذا جائز وعلى القاعدة السابقة أن العبادات الواردة على وجوهٍ متنوعةٍ ينبغي أن نفعلها على كل وجه.
وقوله:"غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" ظاهر الأحاديث العموم، "غفرت خطاياه" جمع مضاف والجمع المضاف يفيد العموم، فظاهره أن الخطايا ولو كانت من الكبائر فإنها تغفر له إذا قال هذا الذكر، وهذا ما ذهب إليه بعض أهل العلم، ولكن جمهور أهل العلم يقولون: إن جميع الأحاديث الواردة في مغفرة الذنوب أو تكفير السيئات مقيدة باجتناب الكبائر، والدليل على ذلك قول النبي- عليه الصلاة والسلام-: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن ما اجتنبت الكبائر" قالوا: فإذا كانت هذه الفرائض العظيمة- الصلوات الخمس أعظم فريضة عملية- لا تقوى على تكفير الكبائر، فإن من دونها من باب أولى ألا تكفر بها الكبائر ولا شك أن هذا قول وجيه وهو قول الجمهور، لكن لإطلاقه يرجى أن يكون هو الصواب، وإننا نرجو الله عز وجل أن يعفو عنه بهذا العمل جميع ذنوبه، لكن لا تجزم إلا إذا اجتنبت الكبائر.
٣١١ - وعن معاذٍ بن جبل رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "أوصيك يا معاذ: لا تدعن دبر كل صلاةٍ أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك". رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي بسندٍ قوي.
هذا الحديث أوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل رضي الله عنه أن يقول دبر كل صلاة، والمراد: كل صلاةٍ مكتوبة، كما جاء ذلك مقيدًا في بعض الروايات يقول:"اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"، الإعانة على هذه الأمور يحصل بها سعادة الدنيا والآخرة.