للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال عز وجل: {وما ربك بغافلٍ عما يعملون} [الأنعام: ١٣٢]. وقال تعالى: {ولقد خلقنا السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيامٍ وما مسنا من لغوب} [ق: ٣٨]. على غير ذلك مما يدل دلالةً ظاهرةً على أن الله تعالى منزه عن كل عيب، ولهذا ينزه عن نفي السمع، أو نفي البصر، أو نفي الحكمة، أو نفي المغفرة، أو نفي الرضا، أو ما أشبه ذلك، خلافًا لمن قال- والعياذ بالله-: إن الله تعالى لا سمع له، ولا بصر له، ولا حكمة له، ولا رحمة له، ولا مغفرة له، ولا يحب، ولا يحب- والعياذ بالله- ووصفوه بصفات النقص مدعين أنهم بذلك أثبتوا له الكمال، وهم- والله- إنما أثبتوا له النقص- والعياذ بالله- من حيث لا يشعرون، فلا أحد يصف الله تعالى بأكمل مما وصف به نفسه، وقد وصف نفسه بأنه غفور، وأنه ذو رحمة، وأنه قوي، وأنه حكيم، وأنه سميع بصير، وأنه على كل شيءٍ قدير، وأنه يحب ويحب ويرضى ويسخط، ويفعل ما يشاء- سبحانه وتعالى- فهو منزه عن كل نقص.

وأما قولك: "الحمد لله"، "الحمد" معناه: وصف المحمود بالكمال، فبالتسبيح يكون التخلي عن كل صفات النقص، وبالحمد يكون الاتصاف بصفات الكمال، فيكون من قال: "سبحان الله والحمد لله" جامعًا لله تعالى بين النفي والإثبات، بين نفي النقص الذي دل عليه: "سبحان الله" وإثبات الكمال الذي دل عليه "الحمد لله".

وأما "الله أكبر" فهي كالطابع على هذا، يعني: أكبر من كل شيءٍ عز وجل له الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، وأخبر النبي- عليه الصلاة والسلام- أن السموات السبع والأرضين السبع في كف الرحمن كخردلةٍ في كف أحدنا، فهو عز وجل له الكبرياء في السموات والأرض، وأما ختم هذه الكلمات الثلاث بكلمة التوحيد: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير" فهذه الكلمة كلمة الإخلاص التي بعث بها جميع الرسل، {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} [الأنبياء: ٢٥]. كل الرسل بعثوا بهذا، {ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولًا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل: ٣٦]. فكل الرسل متفقون على معنى هذه الكلمة، وأنه لا أحد يعبد في السموات أو في الأرض بحقٍ إلا الله عز وجل.

وقوله: "له الملك وله الحمد" فيه الثناء على الله عز وجل بتمام الملك وبتمام الصفات وكمالها، "له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير" كل شيء فالله قادر عليه لا يستثنى من هذا شيء فمل شيءٍ تتعلق به القدرة ويمكن أن يوصف الفاعل بأنه قادر عليه فإن الله عز وجل قدير

<<  <  ج: ص:  >  >>