للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجلال والإكرام، قبل كل ذكر ولهذا تقول عائشة: كان النبي- عليه الصلاة والسلام- لا يجلس إلا بمقدار ما يقول: "اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام" ثم ينصرف، فدل هذا على أن هذا الذكر قبل كل الأذكار، والمناسبة فيه ظاهرة أيضًا؛ لأنه ينبغي أن يلي الصلاة لأجل أن يكون طابعًا لها أو كفارة لها.

٣١٠ - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سبح الله دبر كل صلاةٍ ثلاثًا وثلاثين، وحمد لله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، غفرت خطاياه، ولو كنت مثل زبد البحر". رواه مسلم.

- وفي روايةٍ أخرى: "أن التكبير أربع وثلاثون".

قوله: "دبر كل صلاة" يعني: المكتوبة، "غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر" يعني: في كثرتها، وزبد البحر كثير لا يحصيه إلا الله عز وجل ففي هذا دليل على فضيلة هذا الذكر دبر الصلوات، كل صلاة مكتوبة: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء تسبح الله ثلاثًا وثلاثين فتقول: سبحان الله، سبحان الله، حتى تكمل ثلاثًا وثلاثين، وتقول بعد: الحمد لله الحمد لله حتى تكمل ثلاثًا وثلاثين، وتقول: الله أكبر حتى تكمل ثلاثًا وثلاثين فهذه تسع وتسعون كلمة، يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير".

وفي لفظ لمسلم: أن التكبير أربع وثلاثون بدون: "لا إله إلا الله"، وبالتكبير أربعًا وثلاثين مرة تكمل المائة.

ما معنى "سبحان الله"؟ معنى "سبحان الله": تنزيهًا لله عز وجل عن كل نقص، فالله عز وجل كامل من جميع الوجوه، كامل في أسمائه وفي صفاته وفي أفعاله، فأسماؤه كلها حسنى تدل على معانيها الحسنة التي لا أحسن منها، وصفاته كلها عليا، يقول الله عز وجل: {ولله الأسماء الحسنى} [الأعراف: ١٨٠]. ويقول: {وله المثل الأعلى} [الروم: ٢٧]. يعني: الوصف الأكمل، وكذلك أفعاله، فإن أفعاله كلها حميدة مرتبطة بالحكمة، فهو- سبحانه وتعالى- يفعل ما يشاء بحكمة، فهو منزه عن العبث، منزه عن اللغو، منزه عن اللهو، منزه الباطل، منزه عن كل عيب، قال الله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض ما بينهما باطلًا} [ص: ٢٧]. {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين* لو أردنا أن نتخذ لهوًا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين} [الأنبياء: ١٧].

<<  <  ج: ص:  >  >>