تعالى في الحج:{ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}[البقرة: ١٩٩].
وقوله:"اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام" لا تقل: إنه لم يذكر فيه هذا الوضع "وتعاليت"، تقول:"تباركت يا ذا الجلال والإكرام"؛ لأن الأذكار توفيقية، ما يزاد فيها إلا ما جاء به النص، والنص هنا ما ذكر "وتعاليت"، فتقول:"اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام". ما معنى "أنت السلام"؟ يعني: السالم من كل نقصٍ ومن كل عيب، فالله عز وجل سلام، أي: سالم من كل نقصٍ ومن كل عيب ..
فإذا قلت: هذه الصيغة فعال كيف تحولها إلى فاعل؟
نقول: هذه من باب الصفة المشتبهة، والصفة المشتبهة تدل على الثبوت والاستمرار، بخلاف اسم الفاعل فإنه قد يدل على الحدث بدون ثبوتٍ واستمرار، فالسلام أبلغ من السالم، ولهذا جاء اسمًا لله عز وجل "ومنك السلام" هنا السلام بمعنى: التسليم، كالكلام بمعنى التكليم، يقال: كلمته كلامًا وكلمته تكليمًا، فسلام هنا بمعنى: تسليم، أي: منك التسليم، يعني: إنك أنت المسلم لمن تشاء من خلقك، فالسلامة ما تطلب إلا من الله عز وجل وهو عز وجل سالم سلام، سالم من كل نقصٍ وعيب.
"تباركت يا ذا الجلال والإكرام"، "تباركت" قلنا: إن المعنى: كثرت خيراتك، لأن أصل البركة الخير الثابت الدائم، مأخوذ من بركة الماء لكثرة الماء فيها وسعتها ودوامه وثبوته فيها، فمعنى:"تباركت" أي: أنك يا ربنا كثير الخيرات والبركات، وهنا لم يقل: بوركت، بل قال:"تباركت" لأن التبارك صفته، بخلاف غيره فإنه يكون مباركًا وليس هو المتبارك، ولهذا قال الله تعالى عن عيسى وعن يحيى:{وجعلني مباركًا}[مريم: ٣١]. أي: لما كنت، لكن تفاعل صفة ذاتية فيه.
"تباركت يا ذا الجلال والإكرام""ذا" بمعنى: صاحب، "الجلال" بمعنى: العظمة يعني: يا صاحب العظمة، "والإكرام" لها معنيان:
أحدهما: أنه أهل لأن يكرم عز وجل وأن يعظم.
والثاني: أنه مكرم لمن يستحق الإكرام من خلقه بالثواب الجزيل والثناء، وهذا الإكرام يتعلق بالله عز وجل وبالخلق، فبالله من حيث إنه محل التكريم والتعظيم وبالخلق، لأنهم مكرمون يكرمهم الله عز وجل، ونظيره "الودود" بمعنى: الواد، وبمعنى: المودود، فهو يود من شاء، وغيره أيضًا من أحبابه يودونه، إذن الإكرام صفة تتعلق بالخالق وبالمخلوق، إذن ينبغي لنا- إن سلمنا- أن نقول: "أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنك أنت السلام ومنك السلام، تباركت يا ذا