المسيء في صلاته أن يعيد صلاته، وهذا القول هو الراجح، يعني أنك لو تكلمت بعد أن سلمت نسيانًا فإنه لا يضر ما دمت باقيًا على النسيان، ولكن هل إذا طال الفصل يجب عليه أن تستأنفها أو تكلمها ولو طال الفعل؟ نقول: إذا طال الفصل فاستأنف الصلاة من جديد، أما إذا كان الفصل قليلًا فإنك تكمل الصلاة ولو حصل كلام أو مشي أو ما أشيه ذلك.
ويستفاد من هذا الحديث: أن الإنسان إذا تعارض ظنه وظن غيره لم يلزمه الرجوع إلى قول غيره؛ لن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ما رجع إلى قول ذي اليدين؛ لن عنده في ظنه أن الصلاة تامة، ولهذا قال "لم أنس ولم تقصر"، فلما رجع إلى الصحابة ترجح جانب ذي اليدين فأخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) به، ولهذا قال الفقهاء: إن الإمام إذا سبح به واحد فقط فإنه لا يرجع إلى قوله، بل إذا سبح به ثقتان رجع إلى قولهما إلا إذا جزم بصواب نفسه فإنه لا يرجع إلى قول أحد أبدًا، لو أن الإمام مثلًا سبحوا به ولكن هو متأكد فهذا لو سبح كل الجماعة لا يرجع إليهم؛ لأنه إذا جزم بصواب نفسه فلا يمكن أن يرجع إلى قول غيره؛ لن رجوعه إلى قول غيره ظن وصواب نفسه الجازم يقين.
فإذا قلت: ما شأن الذين خرجوا وقالوا: "أقصرت الصلاة؟ " هل رجعوا وأتموا، أو صرفوا على ما هم عليه؟ نقول: الأحاديث ليس فيها بيان لحال هؤلاء، وإذا لم يكن فيها بيان لحال هؤلاء نرجع إلى القواعد العامة في الشريعة فنقول: أما من بقى منهم لا يدري عن الأمر فإنه معفو عنه، وأما من علم بأن الصلاة لم تتم فإنه يجب عليه إعادة الصلاة إذا طال الفصل، فعليه إعادتها من جديد، وهذا قد يقع؛ أفرض أنك صليت في جماعة وسلمت من ثلاث ركعات في الظهر ولم يقل لك أحد شيئًا، وخرج الناس، ثم علمت بعد ذلك أنك صليت ثلاثًا فقط، إذا كانت المدة الزمنية قريبة فأكملها، وإذا لم تعلم إلا بعد مدة فإنك تستأنف الصلاة من جديد، ولكن افرض أن أناسًا صلوا معم وذهبوا- وقد يكونون من غير البلد- فما شأن هؤلاء فيما بينهم وبين الله؟ نقول: إذا بقوا غير عالمين فإن صلاتهم تبرأ بها الذمة لأنهم ما علموا.
ويستفاد من هذا الحديث: أن سجود السهو يكون بعد السلام، إذا سلم الإمام أو المأموم أو المنفرد قبل تمام الصلاة فإنه يكون بعد السلام، كيف يمكن للمأموم أن يسلم قبل أن تتم الصلاة؟ افرض أن المأموم فاته ركعة ولما سلم الإمام سلم ناسيًا، وهذا يقع كثيرًا، فإذا ذكر فعليه أن يقوم ويأتي بالركعة ثم يسجد بعد السلام؛ لن النبي (صلى الله عليه وسلم) سجد بعد السلام فيكبر ويسجد ويرفه بتكبير ويسجد ثانية ثم يسلم، وعلى هذا كم يكون في الصلاة من تسليم؟ ثلاث تسليمات، وهي التسليم الأول الذي سها فيه، والتسليم الثاني للخروج من الصلاة، والتسليم الثالث لسجود السهو.