ومن فوائده: أن الإنسان إذا سلم قبل تمام صلاته وذك أو ذكر بوقت قريب فإنه يجب عليه أن يتمها، ولا يقول انتهت الصلاة ويتصرف، بل يجب أن يتمها إذا كانت فريضة، وإن كانت نفلًا فإنه لم يتمها بطلت، ولكن النقل لا يجب إتمامه.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه إذا سلم وذكر أو ذكر وقد قام من مكانه فإنه يرجع إلى مكانه فيتم في مكانه؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) رجع وأتم في مكانه ولأجل ألا تتبعض الصلاة وتتجزأ فيكون بعضها في مكان وبعضها في مكان آخر.
ويستفاد من هذا الحديث: أن الكلام في هذه الحالة لا يبطل الصلاة؛ لأن الرسول (صلى الله عليه وسلم) تكلم وذو اليدين تكلم، وتكلم من تكلم من الصحابة، وخرج السرعان وهم يقولون: أقصرت الصلاة؟ كلام كثير، وقد اختلف العلماء في هذه المسألة فيما إذا تكلم الإنسان بعد سلامه من صلاته سهوًا هل تبطل الصلاة ويستأنفها، أم يجوز أن يبني عليها؟ على أقوال ثلاثة:
ومنهم من قال: إنه إذا تكلم بطلت الصلاة سواء كان لمصلحة الصلاة أم لغير مصلحتها.
ومنهم من قال: إن تكلم لمصلحتها لم تبطل وإن تكلم بكلام أجنبي بطلت، ففي هذه المسألة مثلًا صلى رجل الظهر وسلم من ركعتين ثم قال لولده: يا ولدي شغل السيارة قبل أن اذهب، فقال له ولده: ما صليت إلا ركعتين الكلام الذي تكلم هل هو لمصلحة الصلاة أو لا؟ لا، فتبطل الصلاة، ولو كان يسيرًا بخلاف ما لو تكلم لمصلحة الصلاة، كالكلام الذي حصل من الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ومن تكلم من الصحابة فإنه لا يضر، ولكن الصحيح أن الكلام لا يضر سواء كان لمصلحة الصلاة، أو لغير مصلحتها ما دام يعتقد أن صلاته قد تمت؛ لن هذا الكلام الذي صدر بعد السلام كان عن جهل ببقاء صلاته، والكلام مع الجهل لا يبطل الصلاة، وعلى هذا لو تكلم الإنسان بعد سلامه من صلاته بكلاك يتصل بالصلاة أو لا يتصل ولكنه إلى الآن ما ذكر أنها لم تتم فإن صلاته لا تبطل، ودليل ذلك عموم قوله تعالى:{ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}(البقرة: ٢٨٦).
وهناك دليل آخر خاص بالمسألة وهو بان معاوية بن الحكم (رضي الله عنه) تكلم في صلاته جاهلًا ولم يأمره النبي (صلى الله عليه وسلم) بالإعادة، فقد عطس رجل من القوم فقال:"الحمد لله" فقال له معاوية: "يرحمك الله" كلام يخاطبه "يرحمك الله" فرماه الناس بأبصارهم فقال: "واثكل أمياه" كلام آخر، فجعلوا يضربون على أفخاذهم يسكتونه فكست، فلما قضى الصلاة دعاه النبي (صلى الله عليه وسلم)، قال معاوية: بأبي وأمي هو ما رأيت معلمًا أحسن تعليمًا منه، والله ما قهرني ولا نهرني وإنما قال:"إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التكبير والتسبيح وقراءة القرآن" أو كما قال (صلى الله عليه وسلم)، ولم يأمره النبي (صلى الله عليه وسلم) بالإعادة، ولو كانت الإعادة واجبة عليه لأمره بها كما أمر