الحمل ليس بكثير والناقة جيدة لكنها أبت أن تقوم! فجلس يفتش وينظر فتبين له أن الحمل الذي عليه هو أثلة جاره فنزله منها ثم أناخها إلى جنب خشبه وشد عليها، فلما انتهى من شده ونهرها مرة واحدة قامت ومشت، هذه من حماية الله للعبد، إن الله يجول بينك وبين مالا يحل لك من حيث لا تشعر، ولكن هذا إذا كنت صادقًا مع الله (عز وجل) في تجنب محارمه؛ أما الإنسان الذي ليس صادق فقد لا ييسر الله له مثل هذه الحال، المهم: أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) صار منقبضًا حين سلم من ركعتين.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا سلم قبل تمام صلاته ثم ذكر أو ذكر وجب عليه أن يكملها، وإذا كان قائمًا من مكانه رجع إليه؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) رجع إلى مكانه وأتم الصلاة منه، ولكن كيف يتمها؟ يتم ما بقي، وإذا كان مثلُا الآن هو جالس وسلم وقام على أن الصلاة انتهت فتبين الباقي عليه ركعة تقول: ارجع إلى مكانك، إذا رجع إلى مكانه هل نقول: اجلس لتقوم، أو لا حاجة لأن تجلس؟ يقول العلماء: يجلس ليقوم؛ لأن نهوضه الأول قبل أن يذكر هل هو للصلاة أو لينصرف؟ لينصرف فلابد أن يجلس لينهض؛ لن النهوض هنا من الجلوس إلى القيام من أفعال الصلاة.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه إذا سلم عن نقص ثم ذكر أو ذكر وأتم صلاته فإن سجود السهو يكون بعد السلام؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد السلام وقال: "وصلوا كما رأيتموني أصلي" فيكون السجود بعد السلام.
ويستفاد منه: أن سجود السهو كسجود الصلاة ما ينقص عن طول سجود الصلاة خلافًا لما يظنه بعض العوام أن سجود السهو يخفف لقول أبي هريرة: "فسجد مثل سجوده أو أطول" وكلمة "أو أطول" قد يقول قائل: إنه يدل على أن سجود السهو أطول من سجود الصلاة، ولكن نقول: لا؛ لأن مثل هذا التعبير في اللغة العربية يراد به تحقيق ما سبق لا إثبات ما لحق، فنقول مثل سجوده هذا المحرر وقال:"أطول" لتحقيق تلك المثلية، ومنه قوله تعالى:{وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون}(الصافات: ١٤٧). قال العلماء المحققون إن معنى {يزيدون} يعني: إن لم يزيدوا لم ينقصوا، فهو لتحقيق العدد.
ولكن ماذا يقول في سجود السهو بعد السلام؟ يقول:"سبحان ربي الأعلى" مثل سجوده في الصلاة تمامًا؛ لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "اجعلوها في سجودكم"؛ يعني:"سبحان ربي الأعلى"، وهذا يشمل سجود صلب الصلاة، وسجود التلاوة، وسجود الشكر، وسجود السهو، فيقول "سبحان ربي الأعلى"، ويقول ما ورد في أذكار السجود، وأما قول بعض العامة: إنه ينبغي أن يقول: "سبحان من كتب النسيان على الإنسان وتنزه عن النسيان" فهذا لا أصل له، ولا أعلمه مشروعًا، وإذا لم يكن مشروعًا فإنه لا ينبغي للإنسان أن يتعبد به، وأن يأتي بذكر من عنده.