٣٥٢ - وعن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) قال: "ليس الوتر بحتم كهيئة المكتوبة، ولكن سنة سنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ". رواه الترمذي والنسائي، وحسنة الحاكم وصححه.
نحن الآن في صلاة التطوع، وهي: الصلوات التي ليست بمفروضة، ومنها الوتر، وقد اختلف أهل العلم في الوتر، وهو ختم صلاة الليل بركعة، فقال بعض أهل العلم: إن الوتر واجب، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم)"الوتر حق، فمن لم يوتر فليس منا".
وقال بعض العلماء: إنه ليس بواجب؛ لأن الله تعالى إنما فرض خمس صلوات فقط، وقد سئل الرسول (صلى الله عليه وسلم) هل علي غيرها؟ فقال للسائل:"لا" إلا أن تطوع".
وقال بعض أهل العلم: من كان له ورد من الليل فإنه يجب عليه الوتر، ومن لا فلا.
وأختار شيخ الإسلام هذا القول وقال: إن الوتر واجب على من له من الليل يصليه، فإنه يجب عليه أن يوتر، استدل بقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" وهذا أمر وبقوله: "أوتروا يا أهل القرآن"، وأهل القرآن كانوا يتهجدون في الليل ويقرءون القرآن، ولكن جمهور أهل العلم أن الوتر سنة وليس بواجب مطلقًا، وأن الأوامر الواردة فيه تحمل على الاستحباب، وما ذكر فيه أنه حق فإنه يحمل على التأكيد؛ لأن النصوص الأخرى صريحة بأنه لا يجب إلا خمس صلوات فقط، وقد قال الله (عز وجل) في ليلة المعراج بعد مراجعة النبي (صلى الله عليه وسلم) له حتى صارت الصلوات خمسًا قال: "قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي"، فقوله: "أمضيت فريضتي" يدل على أن هذا هو الذي فرضه الله على عباده فقط، ولكن الوتر سنة مؤكدة حدًا لا ينبغي للإنسان تركه، حتى قال الإمام أحمد: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة، فقال: "لا ينبغي"، والإمام أحمد (رحمه الله) إذا قال: "لا ينبغي" يدل على أنه أمر مؤكد لا تقبل له شهادة؛ لان رجلًا يحافظ على ترك الوتر، والوتر ركعة واحدة فقط، هذا ليس فيه خير، ولهذا قال إنه رجل سوء لا ينبغي أن تقل له شهادة، وعليه فينبغي للإنسان أن يوتر، وأن يرشد أهله أيضًا إلى الوتر؛ لأن كثيرًا من النساء في البيوت والأولاد الذين لم يقرءوا يظنون أن الوتر ليس بمؤكد، فينبغي أن نبلغ أهلنا بأن الوتر سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان أن يدعه.