٣٥٣ - وعن جابر (رضي الله عنه): "أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قام في شهر رمضان، ثم انتظروه من القابلة يخرج، وقال: إني خشيت أن يكتب عليكم الوتر". رواه ابن حبان.
المشهور في هذا الحديث أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قام بهم ثم تأخر، وقال:"إني خشيت أن تفرض عليكم"، يعني: قيام الليل في رمضان، فأخر النبي (صلى الله عليه وسلم) لما صلى ثلاث ليال، وقال:"إني خشيت أن يفرض عليكم القيام".
فإذا قال قائل: كيف يخشى أن يفرض القيام وقد قال الله (عز وجل): "أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي"؟
قلنا: لأنه ربما إذا ألزم الناس أنفسهم بأمر أن يلزمهم الله به كما ألزم بني إسرائيل الرهبانية التي ابتدعوها ولم يفرضها الله عليهم، لكن لما ابتدعوها لأنفسهم ألزموا بها.
٣٥٤ - وعن خارجه بن حذافة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "إن الله أمدكم بصلاةٍ هي خير لكم من حمر النعم. قلنا: وما هي يا رسول الله؟ قال: الوتر، ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر". رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الحاكم.
٣٥٥ - وروى أحمد: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده نحوه.
هذا الحديث فيه بيان متى يكون الوتر؟ وما وصفه؟ بين النبي (صلى الله عليه وسلم) في هذا الحديث أنه ما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وقوله:"ما بين الصلاة والعشاء"، يعني: وسن فيها قيام الليل إذا أراد أن يقوم لقوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"، لكن لو أن الإنسان لم يرد أن يصلي راتبة العشاء وأوتر بعد صلاة الفريضة فالوتر صحيح؛ لأن وقته يدخل من بعد صلاة العشاء، وقوله:"ما بين صلاة العشاء" ولم يقل: ما بين وقت العشاء، يدل على أن الإنسان لو أوتر قبل صلاة العشاء فإنه لا وتر له، فلو أن رجلًا قال: إن بعد صلاة العشاء مباشرة عندي شغلًا وسأوتر قبل صلاة العشاء؛ لأنه من حين يسلم أذهب إلى شغلي، قلنا هذا: الوتر لا يصح؛ لأن الوتر لا يكون إلا من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وعلم من ذلك: أنه إذا طلع الفجر انتهى وقت الوتر، فمن لم يستيقظ إلا بعد طلوع الفجر فإنه لا يوتر طلوع الفجر، وصلاة الفجر لأنه انتهى الوقت، ولكن الذي ثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انه يصلي ما فاته من صلاة الليل