للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٦٨ - وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من نام عن الوتر أو نسيه فليصل إذا أصبح أو ذكر". رواه الخمسة إلا النسائي.

قوله صلى الله عليه وسلم: "فليصل إذا أصبح أو ذكر"، لم يبين كيف يصلي، ولكن فعله صلى الله عليه وسلم مبين لقوله، فتكون صلاة الوتر قضاء مشفوعًا بركعة، وقوله: "فليصل إذا أصبح أو ذكر" يدل علي أنه لو فرض أنك نسيت الوتر هذه الليلة ولم تذكره إلا في الليلة الثانية، فإنك توتر، لكن تقضيه شفعًا؛ لأنه فات وقته.

شبهة والرد عليها:

٣٦٩ - وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل". رواه مسلم.

تقدم الكلام علي ما يقتضيه هذا الحديث، ولكن في قوله صلى الله عليه وسلم: "فإن صلاة آخر الليل مشهودة" يعني: تشهدها الملائكة، وتكون موافقة لوقت نزول الرب عز وجل، فإن الله تعالي ينزل كل ليلة حين يبقي ثلث الليل الآخر إلي السماء الدنيا ويقول: "من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر"، كل ليلة في كل ليالي السنة، وليس في رمضان وحده، وقد روي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم عدد كثير من الصحابة - رضي الله عنهم-، حتى قال بعض أهل العلم: إنه من المتواتر، ولم يسأل الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم: من الذي ينزل؟ لأن الأمر أوضح من أن يسأل عنه، وكل شيء من الأفعال يضيفه الله إلي نفسه فإن المراد به: ذات الله عز وجل، فمثلًا {خلق السموات والأرض} [الأعراف: ٥٤]، يعني: هو بنفسه الذي خلقها، وكذلك {استوي علي العرش} [الأعراف: ٥٤]، ما حاجة أن نقول: بذاته؛ لأنه فعل أضيف إلي الله، فمن يقوم به؟ يقوم به الله عز وجل، وهكذا كل شيء أضافه الله إلي نفسه فالمراد به: ذاته، وعلي هذا فالصحابة - رضي الله عنه- ما سألوا ما الذي ينزل يا رسول الله: هل هو أمره؟ هل هو رحمته؟ هل هو ملك من ملائكته؟ هل هو نفسه ينزل؟ ما سألوا عن ذلك، لماذا؟ لأنه أضيف إلي نفسه "ينزل ربنا"، فكما أنهم لم يسألوا عن قوله تعالي: {خلق السموات والأرض}، فهم-هنا-نفس الشيء؛ لأنه فعل أضيف إلي الله، فيكون من الله- سبحانه وتعالي-، ولهذا يخطئ خطأ كبيرًا من يظن أن الصحابة- رضي الله عنهم- لم يفهموا معاني أسماء الله وصفاته وأنهم فوضوها تفويضًا، وأنهم لا يعرفون إلا مجرد التلاوة فقط، بل نقول: هم أعلم الناس بمعناها، ويعرفونها معرفة

<<  <  ج: ص:  >  >>