الركوع قبل أن يرفع فليستمر مع إمامه؛ لأنه في هذه الحال يكون معذورًا، إذن السبق- أي: سبق الإمام- إما أن يكون إلي الركن أو بالركن، فإن كان إلي الركن فالمشهور من المذهب غير تكبيرة الإحرام؛ لأن تكبيرة الإحرام تقدم أن المأموم إذا كبر قبل أن يكبر الإمام فلا صلاة له؛ لأنه نوى الإمامة بغير إمام، لكن في غير تكبيرة الإحرام المشهور من المذهب أن السبق إلي الركن محرم لا تبطل به الصلاة، والصحيح: أنه محرم تبطل به الصلاة، وأما السبق بالركن فالمذهب أنهم كانوا يفرقون بين الركوع وغيره فيقولون: إن سبق إمامه بالركوع بطلت صلاته وإن سبقه بالسجود لم تبطل؛ لأن غير الركوع عندهم لا تبطل الصلاة بالسبق إليه إلا إذا سبق بركنين، فمثلًا إذا سجد قبل إمامه ورفع قبل أن يسجد الإمام فقد سبق الإمام بركنين: أحدهما السجود والثاني الرفع من السجود، ولكن الصحيح أنه إذا تعمد سبق الإمام ولو إلي الركن بطلت صلاته.
وأما الأقوال التي هي القراءة والدعاء والذكر فإن هذا لم يقل أحد من الناس إنه لابد أن تتأخر حتى تعلم أن إمامك قد قرأ مثلًا في الصلاة السرية، ولهذا لو فرض أن الإمام تعرف من عادته أنه يستفتح استفتاحًا طويلًا واستفتحت أنت استفتاحًا قصيرًا وبدأت بالفاتحة قبلة فإن ذلك لا يضر.
الحال الثاني: أن يوافق الإمام، وهذه دون السبق، فإن وافقه في تكبيرة الإحرام لم تعقد صلاته؛ لأن الإمام لا يدخل في الصلاة إلا بعد تكميل التكبير، وإذا وافقته في التكبير فمعناه: أنك دخلت مع إمام لم يكن إمامًا، حتى الآن فتكون صلاتك باطلة، وأما موافقته في غير تكبيرة الإحرام فهذا لا يبطل الصلاة، لكنه إما مكروه وإما محرم، والمشهور من المذهب أنه مكروه، وظاهر الحديث: أنه محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ولا تركعوا حتى يركع ... " إلخ، فالصحيح: أنه محرم، وهذه المسألة يخل بها كثير من الناس حيث إن بعضهم تجده يسابق الإمام، إما أن يسابقه أو يوافقه، وهو أمر يجب علي طلبة العلم أن ينبهوا العامة عليه؛ لأنه واجب علي كل من آتاه الله علمًا أن يبينه للناس، كما قال الله تعالي:{وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه}[آل عمران: ١٨٧].
الحال الثالثة: المتابعة، وهي: أن يشرع المأموم في أفعال الصلاة فور انتهاء إمامه أو يشرع في تكبيرة الإحرام فور انتهاء إمامه، بحيث لا يتأخر فهذا هو الأفضل وهو الأولي، فإذا كبر تكبيرة الإحرام فبادر وكبر، لا تتأخر لأنك إذا تأخرت فأتتك المتابعة في تكبيرة الإحرام، وبعض الناس نشاهدهم إذا أقيمت الصلاة يتسوكون ويؤجلون الدخول في الصلاة بتسوكهم فيؤخرون فضيلة تتعلق في نفس العبادة من أجل فضيلة لا تتعلق بنفس العبادة؛ لأن السواك سنة للصلاة