للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قال شيخ الإسلام رحمه الله: إنه يجوز أن يصلي الإنسان خلف شخص يخالفه في النية والأفعال أيضًا وأنه يجوز أن يصلي العشاء خلف من يصلي المغرب، وإذا سلم الإمام من صلاة المغرب قام المأموم فأتي بالرابعة والعكس فيصلي المغرب خلف من يصلي العشاء، وإذا قام الإمام إلي الرابعة فإنه يجلس، ثم إن كان لا يريد صلاة العشاء انتظر الإمام حتى يجلس للتشهد ويسلم معه، وإن كان يريد أن يصلي العشاء فإنه ينوي الانفراد ويقرأ التشهد كاملًا ويسلم ثم يدخل مع الإمام فيما بقي من صلاة العشاء.

وجوب متابعة الإمام:

وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "فإذا كبر فكبروا" يستفاد منه- حسب القسمة العقلية-: أن حال المأموم في موافقة الإمام أربع حالات: إما أن يسبقه، أو يوافقه، أو يتخلف عنه، أو يتابعه. هذه أربع حالات، فإن سبقه فإن كان بتكبيرة الإحرام لم تنعقد صلاته؛ لأنه دخل بنية الجماعة مع غير إمام، فإن الإمام لم يكبر بعد حتى يتحقق أن له إمامًا، فإذا علم أن الإمام لم يكبر تكبيرة الإحرام قطع صلاته، يعني: نوى قطعها وكبر بعد الإمام، وإن كان غير تكبيرة الإحرام فإن العلماء اختلفوا في ذلك، فمنهم من قال: إن الصلاة لا تبطل حتى يسبقه بركن كامل، وإنه لو سبقه إلي الركن لم تبطل الصلاة، ولكن يجب عليك أن تعرف الفرق بين السبق إلي الركن والسبق بالركن: أن السبق إلي الركن أن يصل المأموم إلي الركن قبل أن يصل إليه إمامه ولكن الإمام يدركه فيه، مثل: أن يكبر للركوع ويركع ثم يلحقه الإمام قبل أن يرفع، والسبق بالركن أن يسبق المأموم الإمام إلي الركن، ويتخلص منه قبل أن يصل الإمام إليه، مثل: أن يسبق الإمام إلي الركوع ويرفع من الركوع قبل أن يركع الإمام، نسمي هذا سبقًا بالركن، وعلي هذا فالسبق إلي الركن لا تبطل به الصلاة علي المشهور من المذهب، لكن عليه أن يرجع حتى يأتي به بعد إمامه، ولكن الصحيح أن السبق إلي الركن متعمدًا تبطل به الصلاة، ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أما يخشي الذي يرفع رأسه قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار أو يجعل صورته صورة حمار"، وهذا التهديد يدل علي أن هذا الفعل محرم، والإنسان إذا فعل شيئًا محرمًا في العبادة فإن القاعدة الشرعية: أن العبادة تبطل به؛ لأنه أخرجها عما جاء الأمر به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد".

فالصواب: أن السبق إلي الركن إذا تعمده الإنسان بطلت صلاته، أما إذا لم يتعمده كما لو سمع صوتًا فظنه تكبيرًا لإمامه فركع فإن صلاته لا تبطل؛ لأنه معذور بالجهل، لكن إذا تحقق أن الإمام لم يركع وجب عليه أن يرجع حتى يأتي بالركوع بعد الإمام، فإن لحقه الإمام في

<<  <  ج: ص:  >  >>