الأعلم بمعاني كتاب الله؛ لأن الصحابة- رضي الله عنهم- في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا، فتجد الأكثر قراءة هو الأكثر علمًا وهو الأكثر- في الغالب- تقوي لله عز وجل.
قوله:"فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة"، وهنا قال:"أعلمهم بالسنة" لفظًا ومعنى، فالإنسان الذي عنده علم من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وفقه لهذه السنة الأولي بالإمامة ممن ليس كذلك، فإن اجتمع عالم بالسنة لكنه دون الآخر في القراءة فأيهما يقدم؟ الأكثر قراءة أقرؤهم لكتاب الله.
قوله:"فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة"، الهجرة هي: هجران بلد الكفر إلي بلد الإسلام سواء كان البلد قرية، أو مدينة، أو كان مراع أو ما أشبه ذلك، فإذا هاجر الإنسان فإن أقدمهم هجرة أولي بالإمامة من غيره؛ لأن الغالب أن الأقدم هجرة أعلم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لم يهاجر، "فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا" أي: إسلامًا، وفي رواية:"سنً" يعني: أكبرهم سنًا، هذا هو الترتيب الذي رتبه النبي صلى الله عليه وسلم، ينبغي للناس أن يلاحظوه، وهذا فيما إذا أردنا أن نولي الإمام ابتداء، وأما إذا كان إمامًا راتبًا فإنه أحق من غيره وإن كان غيره أقرأ منه، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث:"ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه" وإمام المسجد سلطان في المسجد. فلو حضر إلي المسجد رجل أقرأ من إمامه الراتب أو أعلم بالسنة من الإمام الراتب فإنه ليس له حق أن يقدم مع وجود الإمام الراتب، ولكن إن أذن له الإمام الراتب فلا حرج، وإلا فلا.
٣٩٢ - ولابن ماجه من حديث جابر رضي الله عنه:"ولا تؤمن امرأة رجلًا، ولا أعرابي مهاجرًا، ولا فاجر مؤمنًا". وإسناده واه.
النهي هنا للتحريم؛ لأنه مؤكد بالنون الدالة علي توكيد النهي، فلا تؤمن المرأة رجلًا ولو كانت أقرأ منه؛ لأن المرأة ليست أهلًا لإمامة الرجال، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، فالمرأة لا تصح أن تكون إمامة للرجال بأي حال من الأحوال، حتى لو كانت أقرأ وأفهم فإن الرجل هو الذي يكون إمامها.