للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن فوائد الحديث: جواز إمامة الأعمى، وهذا هو الشاهد من الحديث؛ فيجوز أن يؤم الناس وهو أعمى، لكن إذا كان نائبًا عن الإمام الراتب فإنه لا ينظر هل هو أقرأ الناس أو ليس أقرأهم؛ لأنه نائب مناب الأصل، أما إذا كنا نريد أن نصلي جماعة وليس لدينا إمام راتب فإنه كما سبق: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله"؛ فإنه إذا كان أقرأهم قدِّم ولو كان أعمى، لكن لو استويا في جميع الصفات إلا العمى والبصر يقدَّم البصيرفهو أولى كما قاله الفقهاء -رحمهم الله-.

ومن فوائد الحديث: منقبة ابن أم مكتوم رضي الله عنه، وأنه لثقة الرسول -عليه الصلاة والسلام- به في دينه وقوته كان يخلفه، وهل نأخذ منه أنه لا يجب الجهاد على الأعمى؟ ليس بظاهر؛ لأنه قد يقال: لو فرض أنه واجب عليه، فإنه تخلف بأمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما تخلف عثمان رضي الله عنه في تمريض ابنة الرسول -علية الصلاة والسلام-.

ويستفاد منه: جواز نسبة الرجل إلى أمه إذا اشتهر بذلك، ولم يرغب عنه، ومنه: "عبد الله ابن بحينة"، فإن بحينة هي أمه، ومنه: "عبد الله بن أبي ابن سلول"، فإن سلولًا أمه، وأبيُّا أبوه.

٤٠٤ - ونحوه لابن حبَّان: عن عائشة رضي الله عنها.

قوله: "ونحوه" أي: نحو هذا الحديث، والنحو عند العلماء يأتي بممعنى: المثل، ومنه علم النحو، فإنه سمي علم النحو، أي: علم المثل؛ لأنه يقال: إن أبا الأسود الدؤلي كتب قواعد أول ما بدأ في علم النحو حين اختلف اللسان، فكتب قواعد مبسطة وعرضها على علي بن أبي طالب ضي الله عنه فقال علي: "انح نحو هذا" يعني: اسلك مثله: فالنحو والمثل والشبه ووما أشبهه، كله بمعنى واحد.

٤٠٥ - وعن ابن عمر رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صلُّوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلُّوا خلف من قال: لا إله إلا الله". رواه الدَّارقطنيُّ بإسنادٍ ضعيفٍ.

هذا الحديث -كما قال المؤلف- إسناده لا يصح، لكن ننظر إلى معناه: "صلوا على من قال: لا إله إلا الله" متى؟ إذا مات، و"صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله" أي: ليكن إمامًا لكم، فالأول: "صلوا على من قال: لا إله إلا الله". أي من قالها بلسانه معتقدًا لها في قلبه، وأمَّ من قالها نفاقًا فإن الله قال: {ولا تصل على أحدٍ منهم مَّات أبدًا ولا تقم على قبره} [التوبة: ٨٤]. فإذا علمنا أنه قالها نفاقًا فإنه لا يصلى عليه، وكذلك "صلوا خلف من قال: لا إله إلا الله" من قالها بقلبه ولسانه لا من قالها مناففقًا فإنه لا يصلى خلفه؛ لأن الصلاة خلفه لا تصح.

ولما كان هذا الحديث صحيحًا -على الرغم من إسناده- فإننا نستفيد منه ما يلي: وجوب الصلاة على الميت المسلم لقوله: "صلوا" والأمر للوجوب هل هو فرض عين أو فرض

<<  <  ج: ص:  >  >>