للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستفاد من هذا الحديث: أنه لا يجوز الكلام حال الخطبة ولو بتغيير المنكر، من أين يؤخذ؟ من قوله: "والذي يقول له: أنصت"؛ لأن المتكلم الأول فاعل محرمًا، والقول له: أنصت هذا نهي عن منكر ومع ذلك جعله النبي- عليه الصلاة والسلام- محرمًا.

مسألة: هل يُستفاد من الحديث تحريم رد السلام إذا سلم عليك أحد؟ نعم، يستفاد منه؛ لأنه إذا كان لا يجوز تسكيت هذا الرجل المتكلم فمن باب أولى ألا تجيب المُسلِّم؛ لأن الأصل أنه لا يجوز أن يُسلِّم في هذه الحال، ولكن هل تمد يدك إليه مصافحة لا سلامًا؟ نعم، إن لم تنشرح له، ولكن في هذه الحال أيضًا ينبغي أن تنتبه إذا انتهى الإمام من الخطبة بأن هذا حرام لا يجوز أن تسلم في تلك الحال، ومثل ذلك أيضًا تشميت العاطس، فلو أن أحد عطس وحمد الله ما تشمته.

ومن ذلك أيضًا إذا ذكر النبي- عليه الصلاة والسلام- في أثناء الخطبة هل تصلي عليه أو لا؟ نعن، الفقهاء يقولون: تُصلي إذا ذكر؛ لأن هذا الشيء يتعلق بالخطبة، ولا يتعلق بأمر خارج فهو قد يكون من أسباب اتجاه الإنسان إلى الخطبة أن يتابع الإنسان الخطيب، وإذا دعا أمّن، وإذا مر بذكر الرسول- عليه الصلاة والسلام- صلّى عليه، لكن بشرط ألا يكون مشغلًا لغيره وألا ينصرف به أيضًا هو عن الاستماع فإن كان مشغلًا لغيره أو مشتغلًا به عن الاستماع فإنه لا يجوز.

ويُستفاد من الحديث: جواز الكلام بين الخطبتين؛ لأنه قيد ذلك بقوله: "والإمام يخطب"، فدل هذا على جواز الكلام بين الخطبتين.

ويُستفاد منه: أنه لا يجوز الكلام ما دام الإمام يخطب، ولو كان قد انتهى من أركان الخطبة من أين تؤخذ؟ من قوله": "والإمام يخطب"، فأما قول بعض أهل العلم إن الإمام إذا شرع في الدعاء أو انتهى من أركان الخطبة جاز لك أن تتكلم فهذا ليس بصحيح، حجتهم في ذلك أنهم يقولون: إن الواجب من الخطبة الأركان وما زاد فليس بواجب، وما ليس بواجب فالاستماع إليه ليس بواجب، ولكن هذا قياس في مقابلة النص؛ لأن النص- كما ترون- شامل للخطبة كلها، فلا يجوز للإنسان أن يتكلم حتى ولو شرع الإمام في الدعاء، حتى لو شرع في قراءة آية أخرى؛ لأن الركن تم بقراءة الآية الأولى مثلًا: فالصواب أنه لا يجوز ما دام الإمام يخطب، وأما إذا سكت فلا حرج.

ويستفاد من هذا الحديث: أن خطبة غير الجمعة لا يحرم فيها لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة، والإمام يخطب"، فلو فرض أن خطيبًا قام يخطب الناس في غير الجمعة بعد إحدى الصلوات الخمس، أو في أي مناسبة فهل يجب الاستماع له؟ لا

<<  <  ج: ص:  >  >>