لذلك أيضًا أن الله عز وجل لما أراد أن يخص نبيه بالحكم قال:{وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين}[الاحزاب: ٥٠]. وبهذا نعرف أن أي شخص يدعي دعوى الخصوصية في أي شيء مما جاءت به السنة، فإن قوله مردود عليه إلا بدليل؛ لأن الآيتين في سورة الأحزاب واضحتان؛ لأن الحكم الوارد في حق الرسول- عليه الصلاة والسلام- حكم له وللأمة إلا بدليل على الخصوصية.
فإذا قال قائل: من حيث المعنى والتعليل ما الفرق بين الخطيب وغيره؟
لأن الخطيب إذا تكلم قطع خطبته ولم يبق على خطبته بخلاف غيره فإن الخطيب سوف يستمر ويواصل وحينئذٍ يفوت المتكلم ما يفوته من الخطبة بحسب كلامه.
ومن فوائد الحديث: أنه لا ينبغي أن ينكر على فاعل المنكر ما دام المقام يقتضي التفضيل؛ وجه ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صليت؟ " ما أنكر عليه الجلوس، بل سأله هل صلى أم لا، فمن هذا الحديث نأخذ قاعدة مهمة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي ألا نتسرع ولا نتعجل في الأمور المحتملة حتى نستفصل؛ لأنك إذا أنكرت شيئًا وهو ليس بمنكر تنسب إلى التسرع ثم تخجل، ثم هذا الرجل الذي أنت تعينه يوبخك ويخجلك، فلو رأيت مع شخص امرأة تمشي معه هل تنكر عليه بأن تقول: يا رجل كيف تمشي مع امرأة، هذا حرام ... أتقول ذلك، أو تستفصل؟ تستفصل.
ويُستفاد من هذا الحديث: أنه يجوز أن يخاطب المعظم بقول: "لا" وأن هذا ليس من سوء الأدب؛ لأن الرجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم أمام الناس:"لا" لو أنك قلت: "لا" للمعظم عندنا الآن قالوا: هذا سوء أدب الذي ينبغي لك أن تقول: "سلامًا" هذا هو الواقع الآن، لو تقول مثلًا لأبيك:"لا"، أو لأمك:"لا"، فهذا عاق، ويجب أن يقول:"سلامًا"، ولكن هذا يرد عليه؛ لأن هذا الجواب من صحابي للرسول صلى الله عليه وسلم أمام الناس، ولو كان هناك أي شيء في عدم الأدب لكان هذا الصحابي يتحرز منه، أو لكان الرسول يبينه، أو لانتقده الصحابة.
ويستفاد من هذا الحديث أيضًا: أن من دخل والإمام يخطب فإنه لا يجلس حتى يُصلي ركعتين، من أين يؤخذ؟ من قوله:"قم فصلِّ ركعتين".
ويُستفاد من هذا الحديث: وجوب القيام في صلاة النفل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:"قُم"، والأصل في الأمر الوجوب، فإن قال قائل: هذا صحيح، لكن هناك ما يدل على أن هذا الأمر ليس للوجوب لا في هذه القضية بعينها، ولكن لأن هناك نصوصًا أخرى تدل على عدم