للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "فليصل" فيها إشكال من جهة أنه فعل أمر وبني على الكسرة، لماذا؟ لأنه مجزوم بحذف حرف العلة.

هذا الحديث بين فيه زيد بن أرقم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العيد وكان ذلك يوم جمعة ثم رخص في الجمعة، وقال: من شاء أن يصليها فليصلها.

فيستفاد منه بيان أمور: الأول: أنه إذا اجتمع يوم العيد والجمعة فإن من حضر صلاة الإمام فله أن يحضر الجمعة، وله ألا يحضر، تؤخذ من قوله: "ثم رخص في الجمعة".

ثانيًا: أن هذا الحكم لا يشمل من لم يحضر؛ لأن قوله: "صلى ثم رخص" فقال: "من شاء أن يصلي فليصل" الخطاب لمن؟ للحاضرين المصلين، فمن لم يصل فلابد أن يحضر الجمعة.

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي، بل يجب على الإمام أن ينبه الناس على الأحكام التي تخفى عليهم حيث قال: "فمن"، "ثم رخص في الجمعة".

ومن فوائد الحديث: تيسير الله - سبحانه وتعالى - على العباد، حيث إنهم إذا اجتمعوا في هذا اليوم على إمام واحد رخص لهم أن يدعوا هذا الاجتماع، استدل به بعض العلماء على أن صلاة الظهر تسقط لقوله: "فمن شاء أن يصلي فليصل" يعني: ومن شاء ألا يصلي فلا يصل، لكنه قد وردت أحاديث تدل على أن صلاة الظهر لا تسقط؛ وذلك لأن صلاة الظهر فرض الوقت تغني عنها الجمعة عند الاجتماع، فإذا سقطت الجمعة عن الإنسان ما الذي يجب عليه؟ الظهر كالمريض إذا سقطت عنه الجمعة للعذر فإنه يجب عليه أن يصلي الظهر ولا يدعها، وهذا القول قول وسط بين ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنها لا تسقط الجمعة، وأنه يجب على من حضر صلاة العيد أن يحضر الجمعة، ويرون ضعف هذا الحديث ويقولون: إن الأصل بقاء الفريضة، وأن ما كان على ما هو عليه، وأن صلاة العيد لا تسقط بها الجمعة؛ لأنها في غير وقتها، وهذا على رأي من يرى أن صلاة الجمعة لا يدخل وقتها إلا بالزوال كما هو قول جمهور أهل العلم.

القول الثاني في المسألة: أنها تسقط صلاة الجمعة والظهر عملاً بظاهر الحديث، وبظاهر ما روي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه حيث صلى العيد ولم يصل بعدها إلا العصر.

والقول الثالث في المسألة: أنها تجب صلاة الجمعة، لكن يعفى عمن حضر صلاة العيد

<<  <  ج: ص:  >  >>