مرتدا كما لو أنكر تحريم الزنا أو وجوب الصلوات الخمس أو ما أشبه ذلك فهو يحرم بالكتاب والسنة والإجماع.
وكذلك أيضا النظر والعقل يقتضي أن يكون محرما، لأنه يلحق صاحبه بالمجانين والعياذ بالله ولهذا يطلق نساءه، وربما يقتل أولاده، وربما يفعل الفاحشة في أهله، وقد قرأت قبل سنوات كثيرة في - مجلة لا أحب أن أذكر من أين هي صادرة- أن شابا دخل على أمه في الساعة الواحدة ليلا - أي: بعد منتصف الليل - وراودها عن نفسها يريد أن يفعل بها الفاحشة - والعياذ بالله- فأبت عليه، فأخذ السكين وهددها، وقال: إن لم تمكنيني من نفسك فإني أقتل نفسي، فأدركتها الشفقة فمكنته من نفسها - والعياذ بالله- فزنى بها، انتهى من الزنا، ولما أصبح كان ضميره أشهره بذلك فجاء إلى أمه، فقال لها: يا أمي، أفعلت كذا وكذا؟ قالت" لا، خوفا عليه، فأقسم عليها إلا أن تخبره فأخبرته، ثم انطلق منها وأخذ وعاء من الجاز وصبه عليه وأحرق نفسه - والعياذ بالله- فانظر شرب الخمر وزنى بالأم وفي النهاية قتل نفسه، ولهذا جاء في الحديث تسميتها بأم الخبائث، ومفتاح كل شر.
فالعقل يؤيد الشرع في تحريم الخمر، ولكن الناس قد اعتادوها، اعتادوها بإحلال الله لها حيث قال تعالى:{ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا}[النحل: ٦٧].
سكرا: متعة السكر، {ورزقا حسنا}: بيعه وشرابه ونقله وما أشبه ذلك، وهذا يدل على أن كان حلالا بالنص، ثم إن الله تعالى عرض بالمنع فقال:{يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيها إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما}[البقرة: ٢١٩].
لما قال الله - تبارك وتعالى- هذا فإن العاقل سوف يتجنبهما ما دام إثمهما أكبر من نفعهما فالعاقل لا يرتكب الأكبر من الإثم من أجل منفعة قليلة هذه هي المرحلة الثانية.
المرحلة الثالثة: قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلوة وأنتم سكرى حتى تعلموا ما تقولون}[النساء: ٤٣]. و"حتى" هنا يحتمل أن تكون تعليلية، ويحتمل أن تكون غائبة.
المعنى: لا تقربوها حتى تصحوا، هذا إذا كانت غائبة أو تعليلية؛ يعني: إنما نهياكم عن ذلك لتعلموا ما تقولون في صلاتكم، فهي صالحة لهذا وهذا.
إذا امتثل المسلمون هذا - والحمد لله امتثلوا- فإنه سوف يمضي وقت كبير من أوقاتهم لا يشربون فيه الخمر. كم أوقات الصلوات؟ خمس صلوات يحتاج إلى أن يمسك عن الخمر قبل دخل الوقت بمدة يمكنه فيها أن يصحو هذه مرحلة ثالثة.