للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب أولى، وهذا أمر مجمع عليه بدلالة الكتاب والسنة وقد أجمع المسلمون على التحريم، وقال العلماء: من أنكر تحريمها وقد عاش فلا بلاد المسلمين فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وأقر بالتحريم فذاك وإلا وجب قتله مرتدا.

ومن فوائد هذا الحديث: سد الذرائع، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من اتخاذ الخمر خلا لئلا يستبقيها، وربما سولت له نفسه أن يشربها.

ومن فوائد هذا الحديث: أن حرف الجواب يقوم مقام الجملة لقوله: "لا" وهذا مطرد حتى في العقود لو قيل لرجل يبيع عليه بيعه: أقبلت البيع؟ قال: نعم، انعقد البيع، ولو قال ولي الزوجة: زوجتك بنتي، فقيل للزوج: أقبلت؟ قال: نعم، انعقد النكاح، ولو قيل له: أطلقت امرأتك؟ قال: نعم، طلقت ... وهلم جرا.

المهم: أن حرف الجواب يغني عن الجملة سواء بالنفي مثل: لا، أو بالإيجاب مثل: نعم، أو: بلى.

ومن فوائد هذا الحديث على ما يظهر من صنيع المؤلف رحمه الله: أن الخمر نجسة ولكن في هذا نظر؛ لأن القول الراجح أنها ليست بنجسة نجاسة حسية، ولم أجد حتى الآن ما يدل على ذلك، إلا أن جمهر العلماء قالوا: إنها نجسة نجاسة حسية، لكن ما دام ليس هناك دليل فإنه ليس من لازم التحريم أن تكون نجسة؛ لأن كل نجس محرم وليس كل محرم نجسا، ثم إننا ذكرنا في أثناء الشرح أن في السنة ما يدل على الطهارة ليس بناء على الأصل وهو براءة الذمة، بل هناك أدلة إيجابية تدل على عدم نجاسة الخمر ذكرنا منها أن الصحابة أراقوا الخمر في الأسواق، ومعلوم أن إراقة النجس في أسواق المسلمين محرم، بل قال النبي - عليه الصلاة والسلام-: "اتقوا اللاعنين؛ الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم"، وأيضا لما حرمت لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الأواني منها، ولو تنجست بالتحريم لوجب غسل الأواني منها كما أوجب الرسول - عليه الصلاة والسلام- أمر بمسر الأواني في خيبر لما رآها تفور من لحم الحمر، قالوا: أو نغسلها، قال: "أو اغسلوها".

الدليل الثالث: قصة صاحب الراوية الذي أهداها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن حرمت الخمر، فقال: "أما علمت أنها حرمت؟ " ففتح أفواه الراوية، ثم أراق الخمر، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الراوية من الخمر، وهذا دليل صريح جدا، وليس فيه احتمال؛ لأن الخمر حرمت وهي في

<<  <  ج: ص:  >  >>