كيف تشكو؟ والجواب: أن الصحابة ما شكوا الله إلى الرسول، إنما شكوا الجدب لأجل أن يتوصلوا بدعاء الرسول- عليه الصلاة والسلام- إلى إزالته من قبل الله- سبحانه وتعالى- فليس هذا من باب شكوى الخالق للمخلوق، ولا أحد يشكون الخالق للمخلوق إلا سفيها.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي للإمام أن يعد الناس يومًا معينًا للخروج إلى صلاة الاستسقاء لقوله: "فوعدهم يومًا يخرجون فيه"، وهل يأمرهم بالصوم؟ الصحيح: لا، وقال بعض الفقهاء: إنه ينبغي أن يأمرهم بالصوم، وأن يجعل خروجهم في اليوم الثالث من صومهم، وعللوا ذلك بأن دعوة الصائم مستجابة، وأنه يسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فيحصل لهم بذلك الصيام قرب الإجابة، ولكن هذا القول ضعيف، ووجه ضعفه: ما سبق لنا مرارًا من أن الشيء إذا وجد سببه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه سنة فالسنة تركه؛ لأن السنة فعل وترك، فالرسول- عليه الصلاة والسلام- لم يأمر الناس بأن يصوموا، بل وعدهم يومًا يخرجون فيه.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي أن يخطب في صلاة الاستسقاء على منبر خلاف صلاة العيد: "فأمر بمنبر فوضع له".
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي أن تكون صلاة الاستسقاء في مكان صلاة العيد لقوله: "بالمصلى".
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي أن تكون صلاة الاستسقاء في أول النهار لقولها: "حين بدا حاجب الشمس"، وهل هذا وقت لازم بحيث لا تصح فيه غيره؟ لم يرد عن النبي- عليه الصلاة والسلام- فيما أعلم أنه استسقى بصلاة بعد أوقات النهي، وعلى هذا فيجوز أن يستسقى بعد الظهر في الليل، هكذا قال أهل العلم، ولكن لا شك أن السنة والأفضل أن يكون أول النهار كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي لمن صلى صلاة الاستسقاء أن يذكر الناس بما يجلب هممهم واستعدادهم للدعاء، وهذا يؤخذ من قوله:"شكوتم جدب دياركم".
ومن فوائد هذا الحديث: تذكير الناس بما ذكر الله عز وجل لقوله: "وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم".
ويستفاد من الآية الكريمة: إثبات الأمر والوعد من الله عز وجل أي: وصفه بأنه آمر، وأنه واعد، لكن لا يسمى به؛ لأن باب الصفة أوسع من باب التسمية، فإن الله تعالى يمكن أن يوصف بكل فعل فعله على الوجه الذي ذكره عن نفسه، وأما التسمية فلا يسمى إلا بما سمى به نفسه.
ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي بداءة الخطب بالحمد لقولها: "ثم قال: الحمد لله رب العالمين".