ومن فوائد الحديث: عموم ربوبية الله عز وجل لقوله: "رب العالمين"، والله عز وجل يذكر ربوبيته على صفة العموم ويذكرها على صفة الخصوص، ولهذا قالوا: إن الربوبية نوعان: عامة وخاصة، كما أن العبودية نوعان: عامة وخاصة، فباعتبار التدبير المطلق للخلق والملك والإيجاد هذه عامة، وباعتبار العناية الخاصة فإنها خاصة كما في قوله تعالى: {قالوا آمنا برب العالمين (١٢١) رب موسى وهارون} [الأعراف: ١٢١ - ١٢٢]. هذه الآية جمعت بين الربوبيتين.
ومن فوائد الحديث- وهو من فوائد الآية الكريمة-: أن ربوبية الله عز وجل مبنية على الرحمة، فهي ربوبية رحمة ورأفة، وليست ربوبية يراد بها الإشقاق على الخلق لقوله:"الرحمن الرحيم".
ومن فوائد الحديث- وهو أيضًا من فوائد الآية-: ظهور ملك الله عز وجل في يوم القيامة؛ لقوله:"مالك يوم الدين"، وهو- سبحانه وتعالى- مالك لكل شيء ليوم الدين وللدنيا، لكن ظهور ملكه ظهورًا جليًّا لكل أحد، وكل أحد يعترف به في ذلك الوقت، متى؟ يوم الدين، فلهذا يقول الله عز وجل:{لمن الملك اليوم} لا يجيبه أحد فيجيب نفسه: {لله الواحد القهار}[غافر: ١٦].
ومن فوائد الحديث- وهو من فوائد الآية أيضًا-: إثبات الجزاء لقوله: "مالك يوم الدين" أي: يوم الجزاء.
وفيها فوائد أيضًا: إثبات أن كل ما سوى الله فهو مخلوق مربوب لقوله: "رب العالمين" كل من سوى الله، فهو عالم، وسموا عالمين؛ لأنهم علم على خالقهم- سبحانه وتعالى-.
ومن فوائد الحديث: إثبات انفراد الله عز وجل بالألوهية؛ لقوله:"لا إله إلا الله"، وسبق لنا معناها وما يرد عليها والجواب عنه، وأنه لا يرد عليها الأصنام التي تتخذ آلهة لأنها ليست حقًّا.
ومن فوائد الحديث: أن الله عز وجل لا يمنعه شيئا مما أراد لقوله: "يفعل ما يريد" كل ما أراده عز وجل بالخلق فإنه يفعله، لا أحد يمنعه، ولكن اعلم أنه يجب عليك أن تعتقد بأن الله عز وجل لا يفعل شيئا سواء كان منعًا أو إيجابًا إلا لحكمة- سبحانه وتعالى-: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلًا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار (٢٧)] [ص: ٢٧]، {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين}[الأنبياء: ١٦]. كل شيء فإنه لحكمة الله عز وجل يفعل ما يريد لا يمنع مما أراد فعله ولا يجبر على ما يريد فعله، ولكنه عز وجل يفعل الشيء لحكمة بالغة.
فإن قلت: إننا قد نرى شيئا من المشروعات والمفعولات لا حكمة له.
فالجواب: أن ذلك لقصور، ولهذا قال الله عز وجل:{ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا}[الإسراء: ٨٥]. يعني: ما بقي عليكم إلا مسألة الروح حتى تسألوا عنها، ما عندكم علم.
ويقول عز وجل: {ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا (٥١)} [الكهف: ٥١]. فأنت إذا رأيت شيئا من مفعولات الله عز وجل وهي مخلوقات أو من مشروعات